تلوين الثعابين الثقافية في حفلات الزار الراقصة @!!
أزمة فساد ثقافي***
احمد
جمعة
تلوين
الثعابين الثقافية في حفلات الزار الراقصة***
لغة
الثعابين البشرية تنتهك عذرية الثقافة وتَرْجم الأدب برشاوٍ بخيسة لكنها بجيوب
المتسولين بعتبات الثقافة المدجنة تعادل وزن الذهب ولهذا لم يعد للرواية والنقد
والسرد عموماً تلك الومضة الساطعة، وإذا ما ثبت وجودها فقد انحسر عنها الاهتمام
إذا لم ترافقها إكراميات صغيرة تُدَس بين حين وآخر بشكل تذكرة سفر وإقامة بفندق
مقابل مقال مديح مفضوح يبرز لجم الثمن
مقابل الهدية، الثعابين البشرية ليست سامة فهي وديعة ورومانسية وتتعرى ساعة يُطْلب
منها كشف ما تملكه من إثبات على الردح بأي اتجاه يأخذها شراع الهرم الثقافي الرسمي
وحتى الشعبي!!! فالردح غطي سوق عكاظ بالكامل ومعه سوق الفواكه والأسماك الكوكتيل
المطلوب تغطيتها، فهل بعد ذلك ننتظر ثقافة تسود وتقترب من العالمية؟
لأننا
نسأل لماذا لا نصل العالمية؟ ولأننا نستغرب من استبعادنا من المركز الثقافي
العالمي واكتفائنا بالمحيط المحلي والعربي المحصور بين بضعة دول غنية وفقيرة سيان،
تحتكر فيها المؤسسات الأدبية والثقافية الحبكة الدرامية لحفلات الرقص الثقافي،
ينشأ الاستغراب والدهشة من انحصار الفعل الثقافي في إطار المحلية ولم يكسر احتكار
المؤسسات الرسمية والأهلية الثقافية المترهلة منذ سنين رغم فداحة الميزانيات
المخصصة لها؟ الجواب، الفساد الأدبي والثقافي يعشعش بداخل هذه المؤسسات العربية
الثقافية.
فساد الحياة الثقافية العربية لا حدود له فهو
يشمل المؤسسات الرسمية والأهلية والمؤتمرات والفعاليات المختلفة التي وقعت بآفة
الفساد المستشري بالجسد العربي الذي خضع للتبادل الشللي، أقفز بيّ وأقفز بك، حتى
صار القفز اللغة السائدة بساحة القفز الأدبية، فمن لا يستطيع القفز بالحواجز
الرشاوية ولا القفز بالهدايا ولا يملك رياضة القفز فهو خارج حلبة القفز الثقافي، فبعد
فساد الأمكنة السياسية والسياسيين امتد هذا الفساد واستشري بالحياة الثقافية
بغالبية الساحات العربية والخليجية التي رزحت بأشنع مظاهر الفساد والتي فاقت حتى
الفساد السياسي ولكن العين غضت عن الساحة الثقافية والأدبية لأسباب عدة منها عدم
اهتمام الرأي العام بالساحة الثقافية ولعدم توفر متابعين لهذه الظاهرة في لصحافة والإعلام
ولانغماس الكثير من أصحاب الأقلام والكتاب في هذا الفساد ذاته التي يكاد يغطي عموم
الساحة العربية دون أن يلفت الأنظار لأنه يتحرك بداخل أروقة سرية ومستجدة لم تمتد
لها بعد عيون المتربص!!
ما
الذي يجري داخل أروقة الثقافات السرية التي اقتصرت دوائرها على أعداد محدودة من
المسئولين الذين تولوا شأن الثقافة والأدب بالمؤسسات الثقافية الأدبية؟ ثمة فقاعات
تبرز بين حين وآخر يتم تغطيتها بسرعة هائلة وثمة مظاهر للفساد بداخل المؤسسات
الأدبية الرسمية والأهلية لا يمكن الوصول إليها لأن القائمين عليها تمكنوا من
تحصين قلاعهم طوال هذه السنوات بشلل وزمر من المراوغين من إعلاميين وصحفيين قاموا
بالتغطية على تلك المظاهر الفاسدة بل والمشاركة فيها والتورط مع هؤلاء لأنهم ببساطة
تم احتوائهم بهدايا ورشاوى على شكل دعوات وسفرات لحضور وتغطية الفعاليات التي
يديرها هؤلاء المسئولين المستفيدون من توليهم قيادات هذه المؤسسات.
ما
هي أهم مظاهر الفساد الثقافي والأدبي البارزة اليوم والتي لا يمكن إخفائها ورغم
ذلك لا تجد صدى لإثارتها والوقوف عندها رغم انتشار رائحتها بالساحة الثقافية
بالمنطقة العربية عموماً.
هناك
فضائح أدبية يمكن أن تؤدي بسمعة بعض المؤسسات الأدبية العربية إلى الهاوية لو فتحت
ثغرة داخل هذه المؤسسات وتحدث أحد الذين ينتمون إليها وكشف المستور، هناك أسماء
كبيرة تبتز المسئولين للوصول إلى مراكز عليا بصنع القرار الثقافي، وهناك شخصيات
تحتل مراكز أدبية وثقافية تربط نفسها بعلاقات شخصية بمسئولين عن مراكز إعلامية
وثقافية وأدبية عربية وعالمية من خلال تبادل المصالح بالزيارات واللقاء وصرف
التذكر والسكن بفنادق الدرجة الأولى، مقابل أن يجري ذات التبادل بين الطرفين،
بمعنى أدعوني وأدعوك وهذا حاصل حتى على مستوى شخصيات أدبية وثقافية لامعة بالمنطقة
وخاصة بين دول مجلس التعاون.
من
الظواهر المقززة بهذا المشهد دفع الرشاوى لبعض الصفحات الثقافية الخاوية أصلاً لتغطية
تلك الفعاليات التي تبرز أنشطة هؤلاء المسئولين بالمؤسسات الثقافية سواء الرسمية
منها أو الأهلية وهذه الرشاوى تأتي على هيئة دعوات رسمية للفعاليات الثقافية والإعلامية
مع ما تحمله من تذاكر سفر بدرجة رجال الأعمال وحتى بالدرجة السياحية لبعض مرتزقي
الصفحات الثقافية مع سكن بفنادق درجة خمس نجوم وأربع نجوم وحتى ثلاث نجوم ببعض
الدول العربية الفقيرة التي هي الأخرى ابتلت بهذه الآفة.
لم
يعد قلم الأديب ونتاجه ومضمونه المغزى من الإبداع بل المهرجانات الاستعراضية
الاستهلاكية التي دمرت الإبداع وحولته لمولد ابتزازي يجمع كل النسيج النفاقي تحت طاولة
واحدة بالفساد، لا يعني ذلك بالطبع اختفاء الإبداع من الساحة، على العكس من ذلك
هناك بين جبال النتاج الاستهلاكي تكمن ومضات خاطفة من نتاجات إبداعية أثرت الساحة
ونافست الأعمال العالمية وشقت طريقها نحو القمة وفي هذا عزاء للذين يشاهدون حفلات
الزار الثقافية التي تقام على هامش مهرجانات ومعارض وحفلات وموائد عقيمة مكتظة
بالأكل في المطاعم والنوم بالفنادق والسفر بالطائرات تصحبها حفلات خرافية تعني
بتوقيع وتدشين الإصدارات حتى لو كانت نفايات المطابع الرخيصة التي تطبع إسفاف
الدجالين فالمهم أن تخرج عن الورق والحبر أعراس ثقافية مشوهة تواكبها تغطيات
إعلامية كئيبة مدفوعة الأجر بشكل هبات ودعوات فكثير من الصحفيين الطارئين مستعدين
لتغطية هذه المهرجانات مقابل أكل وشرب ونوم.
حين
تسافر لبلادٍ نائية عن محيطنا تحترم الورق والحبر وتزور خلالها مكتبات ومتاحف
وصالات عرض ترى بغبطة الفكر والفن والأدب والثقافة برصانة لا يضاهيها الذهب ولا
يوازيها شيء سوى الإحساس بالإنسانية والحضارية، لا شيء من النفاق ولا الفساد وإذا
وجد فاسد أو ظاهرة شاذة لا علاقة لها برصانة الفكر والأدب سرعان ما يمسحها زلزال
النقد الصارم الذي لا يسمح بمرور أنصاف الثقافات، لهذا نشأت مناخات عالمية خلال
العقود المنصرمة لأن الثقافة هناك لا تحتمل الإفساد، فكل شيء يمكن أن يتسلل له
الفساد إلا الثقافة لأنها هي ذاتها تمحو الفساد بأي مجال.
المنصة
القائمة عندنا بعالمنا العربي والخليجي على ثلاثة أعمدة فقط، هي التي تزدهر عليها
النتاجات الصادرة من فوهات غريبة المصدر وتستولي بالمناسبات على منصات صغيرة
متناثرة بقوائم مشوهة تستحوذ على الأعراس المسماة بمنصات التدشين!! واووو، حفلات
تدشين من غير شمبانيا كيف نحتفل؟ ولكن الحفل يستمر طوال فترة المهرجان وينشده
القاصي والداني ويشتبك مع حفلات الزار التي تُسْفك على منصاتها تواقيع الكوكتيل
بلا خجل من نجيب محفوظ ولا أدنى احترام لطه حسين ولغيرهم ممن رحلوا ولم يركبوا
المنصات المعوقة ولم يشهدوا حفلات الزار المغشوشة التي صدق زوراً من أقاموها بأنهم
أصحاب القلم.
Comments
Post a Comment