البحر وأنا مسودة في السنوات السبع الأولى من العمر يبدأ الإنسان عادة يدرك ما حوله، ويتنفس المعرفة الأولية بالحياة التي عادة تولد بسيطة وعفوية ثم تتعقد، بحثت أولاً عما أميزه.. وكان البحر أول من استوقفني وأرهبني صوته، وتكسر أمواجه على السواحل الصخرية، بدأت ألمسه.. أدخل قدماي في رمله ويبدأ بمصافحتي.. تعاهدنا حينها على صداقة لا تنتهي .. كانت بيوتنا مقسومة إلى جزأين الأول على اليابسة والأخرى ملاصقة للبحر، كنا لا نفترق حتى عندما تثور المياه في منطقة تشتد فيها خطورة المياه حيث تبدأ الحدود من منزل يسمى بيت عبدالنور ويمتد لمنزل آخر يدعى بيت بوخماس. المنطقة بمجملها كان يحاصرها البحر من كل الجهات كانت معاركنا حتى قبل دخول المدرسة تكمن في البحث عن الشرايب(سرطانات صغيرة لا تؤكل) واللعب بها، وتأمل تلك المخلوقات الصغيرة وكيف تقوى على العيش داخل البحر الهائج، وكيف تحفر بيوتها في الرمل أو تحت الحجارة، كانت (الشرايب) بضاعة يبحث عنها من هم أكبر سناً، وكنا مصدر جلبها لهم نصطادها بعد أن (تثبر) – الجزر- المياه ونسلمهم إياها. كانت «الشرايب» مادة لصيد أسماك «الميد» بالسم بعد دقه وطحنه ونثره فوق مياه ...