ملهى القوة الناعمة!



في السنوات الثلاث الأخيرة بالذات وفي عالمنا العربي وعند بعض العرب المطلعين متأخراً على السياسات العالمية، انتشر مصطلح القوة الناعمة وراحة البعض يتفلسف ويتفنن في استخدام هذا المصطلح الأمريكي وهو في الأصل ناتج عن كتاب وضعه قبل سنوات جوزيف صموئيل ناي الأبن وهو أمريكي استاذ العلوم السياسية وعميد سابق لمدرسة جون كينيدي في جامعة هارفرد ومسئول الدراسات الليبرالية الجديدة في العلاقات الدولية. وتولى عدة مناصب رسمية منها مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية والدولية في عهد بيل كلينتون ورئيس مركز الاستخبارات الوطني، اظن واضح من هو الرجل وماذا يخفي وراءه وليس كما يراه بعض المطلعين على موضوع القوة الناعمة التي درج المحللون وضيوف البرامج التلفزيونية العربية على اتحافنا بهذه العبارة  بمناسبة وبدون ومناسبة حتى انها انتشرت في الأعمدة الصحفية العربية أكثر منها في الصحف الامريكية ذاتها.
مخترع هذا امصطلح على سبيل التدليل أن بعض الدول الصغيرة مثل قطر اصبحت مصدر قوة وذات تأثير من خلال امتلاكها لقناة الجزيرة، وهي واحدة من أدوات القوة الناعمة كالتي لدى أمريكا ممثلة في وجبة مكدونالد، والهند من خلال بوليويود اصبحت تملك القوة الناعمة.
ومن أهم ما تحدث عنه المؤلف "دور الثقافة النخبوية في إنتاج القوة الناعمة، فعرض على أهمية المبادلات الأكاديمية والعلمية وكيف أن الكثير من العلماء السوفييت الذين زاروا أميركا قد تأثروا بالأفكار الأميركية وأصبحوا لاحقًا ناشطين في حركات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفييتي"
هذه خلاصة المضمون في الاحاديث العربية هذه الأيام وهذا ما يوزع في الاتجاه الذي نسير عليه ويكاد يخلق ثقافة تتقبل الانجراف وراء نخب عربية متزلفة للسياسات الغربية ومقلدة لها بصورة عمياء تتجاهل واقع أن قناة الجزيرة قبل أن تكون من ادوات القوة الناعمة هي مخطط رصدت له الملايين منذ بدايته والمليارات اليوم لأجل احداث الدمار في العالم العربي وقد أدت الجزيرة هذا الدور بالوكالة عن جدارة ولكنها بالوقت ذاته خسرت دولتها الكثير وفقدت الكثير وها هي المملكة العربية السعودية من دون القوة الناعمة تدير اللعبة الدولية وتكتسح حتى الدول الكبرى العالمية.
ان مشكلة المثقفين والمتحدثين وبعض الكتاب العرب والخليجيين المزهوقين على المصطلحات الأمريكية لا يستفيدون من الوعي لديهم ولا يفتحون المجال للاجتهاد العقلي الذاتي وانما اعتادوا على استيراد المصطلحات والعبارات والأدوات الغربية وتطبيقها بفجاجة على التحليل للوقائع عندنا لدرجة أن احد الزملاء من الكتاب كتب مرة قائلاً إننا بحاجة للتركيز على القوة الناعمة وربما قصد بذلك الاعلام والاتصالات وشيئ آخر ونسى أن القوة الناعمة مصطلح تدعمه القوة العسكرية والآلة الصناعية والطفرة المالية ونحن اليوم في الوضع العربي لم نصل لهذه الحالة باستثناء الشقيقة المملكة العربية السعودية وهي تسير بحذر وترقب وتحسب خطواتها في طريق وعرة محفوف بالمخاطر والتحديات

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!