لماذا لا يبتسم الناس؟ - الإبتسامة دواء



الإبتسامة دواء

لماذا لا يبتسم الناس؟

احمد جمعة


عندما تحدث البعض عن ضرورة إعادة الامن الى البلاد، كان لابد ان يجري الحديث عن تبريد الاجواء ونزع فتيل التطرف وازالة كل ما من شأنه ان يحول مجتمع البحرين المتسامح والمسالم الى مجتمع متوتر ناقم ، تشد افراده مشاعر السخط والاستياء، وتبدو هذه المشاعر في الوجوه التي لم نعد نرى فيها البسمة ولا نشعر بأن ثمة وسيلة لزرع الابتسامة على الوجوه ، فانت عندما تتجول على سبيل المثال في مجمع كمجمع السيف أو تسير في طرقات العاصمة ، او حتى عندما يصادف ان تكون في حالة انتظار بصالون الحلاقة أو في العيادة ، فانك سترى العبوس على الوجوه وسترى التوتر والقلق يكادان يبتلعان اغلب الحضور، فتتساءل في داخلك.. ما الذي يدفع بهؤلاء الناس الى مثل هذا التوتر والقلق الذي ينزع حتى الابتسامة، عندما تكون هناك مناسبة لها، فكثيراً ما يحدث موقف من المواقف لو كان في مكان آخر او في بلد آخر لوجدت الناس يقهقهون او يطلقون العنان لحناجرهم بالضحك، فيما هنا كل هذا لا يحرك حتى شفاه الناس ، ما الذي يحدث للبحرينيين؟                 اعتقد ان هناك تفسير لهذه الظاهرة التي تتعلق بيوم تقرر فيه ان تتغير البحرين وبدأ مشروع الاصلاح وبدأ الناس يخرجون من حالة ويدخلون الى حالة، منذ ذلك الحين بدأ الناس يتغيرون، وكان ذلك من خلال انحشارهم في السياسة ومن خلال تورطهم في الشعارات والافكار ودخول النواب على الخط بحيث بدأ الحديث يدور حول الاخلاق والفضيلة وبدأت مسيرة تحريم الحفلات ومنع الافراح ومحاسبة الناس على الضحك والفرح ، منذ ذلك الحين اتجه الناس الى العبوس وزاد على ذلك في الفترة الاخيرة ارتفاع اسعار السلع والحياة عموماً تغيرت معاييرها بالنسبة للكثيرين ممن كانوا يعتمدون على رواتبهم، وهكذا تحالفت الحياة الصعبة مع تحويل المجتمع الى سجن اخلاقي كبير، فاختلطت المشاعر وطفت على السطح موجة المشاعر السلبية التي من خلالها يرى المواطن كل شيء بعيون قاتمة، واصبحت الابتسامة صعبة في ظل هذا الوضع النفسي والاخلاقي المفتعل والسلعي الذي زاد الطين بلة.                                 
  من هنا اصبح الانسان اليوم بحاجة الى العودة الى الجذور التي كانت عليها البحرين قبل سنوات، واعني بذلك الحالة الطبيعية التي سبقت المشروع الاصلاحي الذي فجر مشاعر الناس وورطهم في السياسة اكثر من العمل والفرح وجعل كل ما حولنا سياسة في سياسة ومن هنا افتقدنا الفرح ، ولكي نعود اليه هناك مسئولية تقع على الاعلام بأن تستعيد بريق السنوات الماضية حينما كانت البحرين تبتسم من دون ان يطلب منها احد ان تفعل ذلك، كما ان على بعض مشايخنا ايضاً ألا يعقدوا الحياة اكثر مما هي معقدة، فالناس بطبيعتهم مسالمون، متسامحون، مؤمنون، وبالتالي لا داعي للتطرف والتزمت والتصعيد في الامور الحياتية الطبيعية التي كان عليها اجدادنا وآباءنا طوال العقود الماضية حيث عاشوا برغم فقرهم وصعوبة الحياة حينذاك لا تفارق الابتسامة شفاههم.                                                  
                                                  

                                                                          



Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!