الأسعار إلى أين والمواطن إلى أين؟!



الأسعار إلى أين والمواطن إلى أين؟!




لم أكن على موعدٍ مع المقالات ولم يكن ببالي كسر عزلتي التي خصّصتها للرواية والالتجاء لمقال خاصة وأنني هجرتُ الصحافة اليومية بعد مسيرة مضنيّة مع القيود، واكتفيت بمقالين عند الضرورة، وبمواقع حرة. مؤخرًا استفزني بعض قرائي وحرضوني بشتى الحيل على الاقتراب من سخطهم وغضبهم ومعاناتهم، بعجرفة الأسعار التي فاقت الخرافة، يوميًا تقفز، تجاوزت جيوبهم ومحافظهم، خرقت روتينهم واجتازت كلّ متوقّع، حتى فاقت العشرة في المائة من القيمة المضافة، وبدت ببعض السلع وفي بعض المخازن والسوبرماركت بما يوازي الثلاثين والأربعين في المائة، تركزت تلك الانتفاضة في الأسعار في المواد الغذائية بالمقدمة وزادت وتضاعفت بمواد التنظيف وشكلت كل ما يملأ رفوف المحلات وبلغت حتى العظم.

إذا كانت جيوب ومحافظ الغالبية من متوسطي ومحدودي الدخل قد تجمّدت وأصابها الخرس أمام هذه الموجة الخرافية من ارتفاع الأسعار، فإن الظاهرة المثيرة هي شكوى الطبقة الميسورة والغنية كذلك من وحش الأشعار وهذا يكشف ما الذي جرى خلال الفترة الأخيرة، حتى لو كان الوضع الدولي في بلاد المنشأ وحتى لو كان مبرِّر ارتفاع الأسعار خارجيًا، إلا أن هناك خرقًا واضحًا في تلاعب التجار في الأسعار ومبالغتهم في استغلال القيمة المضافة وجعلها مضاعفة. كما أن جمود وتحجر الرواتب والزيادات منذ عقود سالفة، مع تزايد موجة الأسعار أخلّ بالتوازن وجعل الطبقة الوسطى تكاد تتآكل، بل هي في الطريق مؤخرًا إذا استمر وحش الأشعار يشمل الطب والخدمات والغذاء والأدوات الصحية وكل سلعة باستثناء ما يتم التخلص منه‘ وجعل حياة المواطن شقاء وعرضة للضغوط والأمراض العصبية والجسدية والنفسية.

انتفاضة الأسعار تتسع وتتصاعد وتشهد نموًا فاق المتوقّع والمأمول، وإذا استمرت الظاهرة لفترة أطول فلا تلوموا الكرة إذا خرجت من الملعب وأصابت هدفًا غير متوقع هو الآخر...     

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!