كورونا تدعم الثقافة من غير قصد!!!

من منافعِ كورونا، وهي نادرة أنها حَرَمت كثير منا من معارض الكتب العربية وتهريجاتها السنوية المسماة بمعارض الكتب…آلاف ربما ملايين تصرفها بعض الدول على هذه المعارض… ملايين تنفق على هذه المهرجانات، أغلبها تنفق لا على الكتب ولا على الثقافة والقراءة وتشجيع النشر والطباعة ودعم الكتاب وخاصة أولئك الواعدين الحالمين برؤية روايتهم الأولى وقد قضوا سنين بانتظار تلك النتيجة! بل تنفق وبطرفةِ عين وبدمٍ بارد، على الأضواء والإعلام والاستقبالات الرسمية وقص الشريط وتوزيع الورود، بالإضافة للإنفاق على ضيوف المهرجان أو المعرض، لا على المبدعين، بل على الإعلاميين المكلفين بالتغطيةوالترويج لهذه العروض وعلى بعض الوجوه الإعلامية التي يعتبرها المسئولون عن هذه المعارض، نجوم ليلة الافتتاح التي تذهب نصف ميزانية هذا المعرض لقص الشريط!!

من منافع كورونا كذلك على الثقافة…أنها حرمتنا من رؤية كثير من الوجوه النجومية المصطنعة التي روجتها دوائر إعلامية من فراغ…فقد حجبت كورنا تلك الوجوه من الندوات والمحاضرات والفعاليات الاستعراضية التي لا صلة لها بالثقافة ولا بالأدب وإن كانت المناسبة ثقافية أو أدبية، لكن المفارقة لا وجود للمبدعين في هذه الأمكنة،فكلّ من يكتظَّ بهم المكان نجمات التلفزيون الفاتنات ورواد الصفوف الأولى المعتادين بالقاعات وهم عادة ليسوا من المبدعين، بل رؤساء أدارات ووكلاء وزارات مع عدد من رؤساء تحرير الصحفالذين لا يوجد بينهم روائي أو شاعر أو ناقد أو فيلسوف…

من منافع كورونا كذلك على الثقافة أنها قطعت الطريق على أولئك المتسلقين الذين دأبوا على تسطير المقالات المادحة للأضواء والشخصيات، إلا الثقافة… هل رأيت صحفيًا أو مراسلاً عربيًا حرر مقالاً عن كتاب أو مؤلف؟ هر رأيت صحفيًا ممن تم استضافتهم سطر فقرة عن روائي أو شاعر… رغم أن المناسبة تخص المبدعين…

عندما تحضر معرضًا للكتاب بفرانكفورت أو باريس أو ميلانو أو نيويورك ولندن…ترى الصحف والجرائد والفضائيات تحتفي هناك بالكتاب والروائيين والشعراء، وآخر هم هذه القنوات هو الوجوه الرسمية التي تأتي من باب تذوق الأدب والثقافة وليس من باب التباهي بمناصبها…

شكرًا لكورونا على الأقل من باب حرماننا من هذه المشاهد…ولكن بالوقت ذاته لعنة على ووهان الصينية التي حرمتنا من حرية التنقل والانتشار…



from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!