صدور رواية “القرنفل التبريزي_ابو العلاء المعري”
صدرت مؤخرًا
رواية “القرنفل التبريزي-أبو العلاء المعري”
لاحمد جمعة
تقع الرواية الصادرة عن دار الفارابي بيروت في 646صفحة حجم الوسط، تتناول مقاربة بين أبو العلاء المعري وخليل مطر، الشخصية العصرية التي تزور المعري في مسقط رأسه بمَعّرة النعمان، حيث انتزع رأسه عن تمثالهُ في اسقاطٍ رمزي على واقعٍ سريالي يقارب ما بين وجودية المعري من الكونِ والعدم، والشكّ والمرأة مع الشخصية العصرية خليل الذي درس الأدب بجامعةِ حلب واقترن بامرأةٍ حلبية وعاد بها للديار، لتكون محوّر حياته هي والمعري الذي لهُ موقفه من المرأة.
شخصيتان رمزيتان متصادمتان مع العالم، شخصية المعري في عزلتهِ الكونية، الأزلية، وشخصية الآخر الوجودية المنسلخة عن واقع الحياة اليومي عبر رحلة خيالية إلى حقبة المعري ليكتشف هناك أنهُ لا فرق بين ذلك الواقع الذي كفر ونبذ المعري، وهذا الواقع الراهن الذي قطع رأس تمثال المعري.
يعبر الاثنان طريق، شائك بالحصار الفكري والروحي والعزلة التي تقود إلى محاولةِ الوصول إلى مرفأ في الصراع بين الشكّ واليقين، فالأول تصدمه رؤية الظلم والجهل فيلجأ إلى العزلة النهائية، والثاني يظل في صراع بين الشكّ واليقين، بين الانفتاح الذهني والقبو الديني.
يرتبط الاثنان بعلاقةٍ غرائبية مع المرأة، تقودهما لمغامرة، كره الأول لها واستسلام الثاني لها، في موازاة عالم يضج بالصراع الدموي الذي دمر روح الإنسان ودفنه في غربة حتى وهو داخل الوطن، لأن الضياع كان في الذات قبل أن يكون في العالم الذي حوله.
من الرواية
الحجّ الأول…
كذب الظنّ لا إمام سوى العقل
أبو العلاء المعّري
أنا والكون والله توحدنا، هكذا اخترعت ذاتي من لاشيْ إلى لا شيء، لأستنبط شيئاً يجعلني أفهم لغز الذات، عندما تكتشف ذاتك في البدء، يمكنك فهم عالمك، فتتوحد معه، كنت منذ صغري، بدء إصابتي بعدوى الجدري، كان آخر لونٍ رأيتهُ بحياتي، هو اللون الأحمر، فقد كسوني برداءٍ أحمر اللون ليميزوني عن بقية الأطفال، حتى لا أُعْديهم، منذ ذلك الحين، فطنتُ إلى أنه كُتِبَ عَليّ ألا أعيش بين الناس بانعتاقٍ كما يعيش الآخرون، فقد ميزني الثوب الأحمر من وقتها وفصل بيني وبين الكون، وسلب حريتي، تَقبلتُ تلك الحقيقة الصارمة، ولكن لم أستسلم لمشيئتها التي فرضت عَليّ الحياة في العتمة، فقد أُصْبتُ بعدها بالعمى وانطفأ الضوء، وساد الظلام للأبد. كانت تلك الخطوة الأولى في الألفِ خطوة لعالمٍ لا يضيئهُ النور، لا لون، لا ضياء، لا قراءة، تساوى عندي الليل بالنهار، تلاشت الوجوه، انعدمت الطبيعة، لن أرى امرأة، ولن أتغزل بجمالِ، ولن أشهد نهر يجري، أو طائر في السماء، لكني أضحيتُ بعدها بسنينٍ من عمري مثل الله، أبصر كلّ شيء ولا أحدٌ يراني.
فَتَشوا قبري، فماذا وجدوا غير تزاحم الأضداد؟ وقطعوا رأس تمثالي… نهبوا مدينتي، وأحرقوا كتبي، ولكنهم عجزوا عن مقارعة عقلي.
from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT
Comments
Post a Comment