‏جوخة الحارثي نجمة عالمية بسماء الرواية

جوخة الحارثي صورةسيدات القمر

أزمة المثقف العربي تكشف المستور…

احمد جمعة

‏جوخة الحارثي نجمة عالمية بسماء الرواية

“سُئلت عمن سيقود الجنس البشري؟ فأجبت: الذين يعرفون كيف يقرؤون فولتير، وليعذرني القارئ الرصين مع الاعتذار لفولتير، باستعاضة كلمة يقرؤون، بكلمة يكتبون، هم من سيقود الجنس البشري، وفي هذا إهداء من الصميم إلى المبدعة العمانية جوخة الحارثي التي حفرت أسمها بماء من ذهب بقائمة الروائيين العالميين، رغم كل الحملة الشرسة، الحاقدة، التي رافقت فوزها والذي تستحقه بجدارة لا تضاهى، وما أحزنني وفتح جرحاً بليغاً هو تلك الحفنة من كتاب ونقاد وصحفيين عرب، ما أن أُعلن عن فوزها حتى تسابقت الأقلام السامة، والنفوس المريضة لتبطش باسم هذا المبدعة الشابة التي تحدت صمت وعزلة وخرافة الأسماء الكبيرة في عالم الرواية العربية التي لم تحقق ما حققته هذا النجمة الصاعدة بكفاءة إبداعية أهلتها للقفز على كل المتوقع والمألوف، وتحقيق إنجاز غير مسبوق بمستوى العالم العربي بمنافستها لأسماء عالمية، والفوز بالجائزة العالمية/ مان بوكر الدولية، وهذا ما أثار سخط كثير من الكتاب العرب، خاصة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم الأسماء اللامعة الوحيدة المحتكرة للجوائز، والتي يحق لها وحدها الفوز، فصبوا سخطهم الممزوج بالحقد والكراهية لكل ما هو خليجي، فربطوا قسراً وبهتاناً بين فوزها ودولارات النفط الخليجي، وهي نغمة بالية، أكل عليها الدهر وشرب وشبع وتجشأ كذلك! ولم يجدوا ابسط عبارات لنعتها سوى أنها محجبة، وأنها من دولة خليجية، وظهر كل ما بنفوسهم من مرض تستغرب أن يكون كل هذا الكم بداخل أدباء وكتاب وصحفيين لهم أسمائهم ومكانتهم، وللأسف، انجلى هذا الحقد المتخفي وراء أسمائهم ليظهر حسدهم وغيرتهم من روائية مبدعة جديرة بالفوز، لقد كشف هذا الحسد، مشاعرهم المريضة التي تعكس فضيحة العصر الثقافي العربي الموبوء، والذي جعل هؤلاء يعتقدون أنهم أحق بالجائزة، رغم ما نالوا من رعاية طوال حياتهم من قبل مؤسسات عربية ارتبطوا خلالها بعلاقات من وراء الكواليس واحتكروا الجوائز والترشيحات وكأنها حكراً عليهم، فجاء فوز جوخة الحارثي الصادم، ليكشف ويعري مكنونهم من الحسد الذي طالما تخفوا ورائه، معتقدين أن الجوائز العربية لهم وحدهم، بصفتهم الأسماء الشامخة بسماء الرواية، وللأسف سايرتهم بذلك مؤسسات عربية وبعضها خليجية، فيما يشبه الاحتكار لهذه الأسماء، باعتبارها محجوزة وحدها للجوائز ولا يحق لأي مبدع أو مبدعة خارج سرب هذه القوائم الجاهزة التجرؤ واقتحام أسوار هذه المؤسسات التي وضعت سياجاً بينها وبين الكتاب الآخرين.

كانت الفضيحة الصارخة الدامية، هي فوز الرواية جوخة الحارثي بأكبر جائزة عالمية للرواية، وهي التي لم تفز بأي من الجوائز العربية، بل ولم تصل حتى  للقوائم الطويلة فيها، وهذا ما عكس الصدمة بالواقع العربي الثقافي وفجر موجة الحسد والسخط عليها وكأنها جريمة أن تفوز بجدارة بجائزة البوكر العالمية، لأنه برأي واعتقاد هؤلاء الكتاب المرضى الذين لم يتوانوا من تشويه فوزها وصب سخطهم عليها بكومة غضب وغيرة، لا تستحق الفوز، لقد كشفت عن نفوسهم الغريبة التي لا تنسجم مع المشاعر الإنسانية والحضارية التي عادة ما تميز المبدعين في العالم، لقد انكشف المستور وظهرت بواطن الأمور المستورة وراء كواليس العلاقات الخاصة والسرية التي تربط بين هؤلاء الكتاب والمؤسسات الثقافية العربية، حينما لم يتخيلوا مبدعة عمانية خليجية تحقق هذا المنجز العالمي، الذي باعتقادهم  هو حق محتكر لهم، وما آلمهم باعتقادي هو عدم تحملهم أن تكون الجائزة من نصيب عمانية خليجية، وقد ظهر ذلك جلياً بتهمة دولارات النفط الخليجي، والمؤلم أن تسايرهم أقلام وصحف خليجية، تروج لهذا السخف، والهراءات. لقد فازت جوخة الحارثي بالجائزة، وهي أول عربية تحقق ذلك، وحان أن يكف هؤلاء عن النباح، وغلق مأتم البكاء، لأن الفائزة تستحق ذلك عن جدارة، وهي تشرف العرب والخليجيين والعالم الجميل الذي تنتمي له الرواية.

لقد كشف فوز الحارثي كثير من مظاهر الفساد بحالة الثقافة العربية، وعرى كثير من مشاهد مخفية لسنوات تمثل الاستئثار بالجوائز العربية لقائمة من الأسماء المحددة التي تتوالى على هذه الجوائز ولا يمكن أن يخترقها أي مبدع خارج دائرة المقرر لهم الاستئثار بها، وحين جاءت الحارثي التي لم تفز بالجوائز العربية ولا حتى بقوائمها الطويلة والقصيرة وتحصد المان بوكر الدولية، ساد الوجوم هؤلاء وبرز الحسد والغيرة، وحقيقة أنا شخصياً سعيد مرتين، الأولى بفوز المبدعة العمانية جوخة، والثانية، تعري هؤلاء وانكشاف حقيقتهم الحاقدة، بالإضافة لدور المؤسسات العربية، التي احتكرت بضعة أسماء اكتفت بتدوير الجوائز بينهم، فها هي الحارثي، تقفز على الجوائز العربية، لتأتي بالدولية، هذه هي صورة فساد الحياة الثقافية العربية التي تشمل كتاب ونقاد وصحفيين، ومؤسسات رسمية وخاصة ومؤتمرات وقعت بآفة الفساد المستشري بالجسد العربي الذي خضع للتبادل الشللي، لقد امتد هذا الفساد واستشري بالحياة الثقافية بغالبية الساحات العربية التي رزحت بأشنع مظاهره.

ما يبكي ألماً أن تقرأ لكتاب عرب، حروفاً تقطر حقداً على مبدعة عربية، كان يفترض أن يسعدوا لها بمجرد فوزها لأنها تنتمي للجسد العربي، ولكن للأسف لم يحدث ذلك، فبينما العالم والصحافة الدولية تستقبل فوز الروائية جوخة بسعادة وانبهار، رأينا جرائد وصحف وكتاب ونقاد، عرب يصبون غضبهم عليها، بكتابات تقطر، حسد وغيرة، وهذا يفضح  ما يجري داخل أروقة الثقافات السرية التي اقتصرت دوائرها على أعداد محدودة من الكتاب الذين تولوا شأن الثقافة والأدب بالمؤسسات الثقافية الأدبية؟ ثمة فقاعات تبرز بين حين وآخر يتم تغطيتها بسرعة هائلة وثمة مظاهر للفساد بداخل المؤسسات الأدبية، ولكن لندع ذلك كله ورائنا ولنحتفل بفوز جوخة الحارثي بفوزها الجميل الذي شرف العرب والخليجيين والعالم، وهي بحق مبدعة استحقت الجائزة عن جدارة فتحية اعتزاز بها ولمستقبلها المشرق بعالم الرواية…  



from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!