مئة عام على الثقافة ولا حزن!
مئة عام على الثقافة ولا حزن!
احمد جمعة
الثقافة واجهة الحضارة لكل بلد وتمازج الثقافات هو الأصل في الحضارة العالمية فهذا يأخذ من ذاك والعكس والذين يدعون الغزو الثقافي أولئك مغلقي الأفق ومنعدمي الإنسانية إذا ما أُخذ بالاعتبار أن الثقافة هي الأصل في الحضارة، ليست هذه الديباجة سوى مقدمة للسؤال التالي..
منذ خمسين سنة حتى اليوم ما هو الجديد أو المختلف أو المتميز وغير المألوف في ثقافتنا؟ ماذا عن السينما ودعك من المسرح؟ ماذا عن نشر الكتاب العالمي الذي خارج الحدود ويعبر مساحات نحو العالم مترجماً أو مؤلفاً؟ ماذا عن الأغنية والموسيقى التي تجتاز هي الأخرى الحدود وتصل الآذان والأسماع عبر القارات؟ لقد عبرنا القرن العشرين وولجنا القرن الحادي والعشرون وها نحن على وشك الدخول في عقد جديد والمساحة الثقافية ما وزالت بحدود ما كانت عليه قبل مئة عام بل وربما أدني مما كانت عليه، ففي السبعينات من القرن الماضي كنا متفائلين بأن الثقافة على وشك اجتياز الحدود والشيء الوحيد الذي اجتاز الحدود هو الهاربين من وجه القانون.
صحيح ولا ننكر ما تحقق على صعيد التراث واليونسكو ومشروع طريق اللؤلؤ والكثير مما تبذله هيئة الثقافة والآثار لكن كل ذلك يضعنا أمام السؤال الملح وهو أين السينما والمسرح والموسيقى والكتاب الأغنية التي تجتاز الحدود وتعبر عن هذا التاريخ الحضاري والإنساني للإنسان في هذه الرقعة من العالم؟ لدينا تراث بمستوى عالمي متمثل في أرث البحر والجزر والصيد واللؤلؤ والغوص والأهازيج والأغاني كلها بمستوى عالمي فقط يراد لها من يحركها بالتفكير والمال ولا تقولوا الإمكانيات المالية، الموسيقى الأفريقية السوداء عبرت الحدود وأضحت عالمية وهي لا تملك سوى إيقاعاتها الحضارية.
كم ننفق على الرياضة بمختلف قطاعاتها؟ أعطوا الثقافة جزء يسير من مال الرياضة وسنجني ضعف ما نجنيه الآن من الرياضة وآمل إلا يفهم من كلامي التقليل من شأن الرياضة بقدر ما يرد الاعتبار للثقافة التي اكتفينا ببضعة أنشطة موسمية وبقدر مما تحقق ولا ننكر مستواه فيما يتعلق بالآثار لكن الثقافة العالمية اليوم هي أغنية عالمية وموسيقى عالمية وكتاب يعبر الحدود وسينما تعكس الواقع ومسرح غير تجاري أو تجريبي. الثقافة المقصودة هنا فيلم ينافس في المهرجانات العالمية أفضل من ألف نشاط وفعالية محلية تذهب أدراج الرياح. والثقافة المعنية كتاب يعبر الحدود أفضل من المنتج الحالي المكدس بالمخازن، وقس على ذلك الأفكار والمشاعر والانعكاسات التي ستنجم عن عبور ثقافتنا الحدود.
بيقيني ما دامت الرؤية مسدودة والفهم خاطئ لمعني الثقافة العالمية واليد قصيرة وبخيلة تجاه الأفكار والمبادرات والمحاولات التي قبرت بهذا الشأن فإن مئة عام أخرى ستنصرم ونحن ما زلنا بذات الحال، حتى مؤسساتنا الثقافية ذاتها الموجودة على الساحة تستنكر الثقافة وتقلل من مكانتها فماذا نتوقع؟
تنويرة: لن تر النجوم ما دمت لا تنظر للسماء.
from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT
Comments
Post a Comment