إسحاق يعقوب الشيخ يكتب عن
إسحاق يعقوب الشيخ يكتب عن
بنفسج أحمد جمعة!
العدد 10599 الإثنين 16 ابريل 2018 الموافق 30 رجب 1439
أول ما استلمت رواية الزميل احمد جمعة «حرب البنفسج» طارت ذاكرتي تردد:
ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين
والعين تتابعك وطبعك محتشم ورزين
ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين
فالبنفسج هي فتاة جمالها في عينين سوداوين تتطارف عشقا خجولا في تطارفهما وفي الاسطورة ان ملك الثلج البريطاني شعر بالملل في قصره المغمور بالثلج فبعث من يبحث له عن فتاة مميزة بالرقة والجمال وكانت الفتاة التي احضروها إليه اسمها (فيوليت) اي بنفسج فوقع في حبها فورا ويقال ان نابليون يكلل جيد زوجته (جوزفين) بزهر البنفسج (!) فزهر البنفسج زهر العاشقين على وجه الأرض (!).
ولازلت اردد في نفسي (ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين) الا ان لا شيء من هذا في رواية زميلنا احمد جمعة (حرب البنفسج) فالاستاذ احمد جمعة زميلنا الحبيب في جريدة (الأيام) الا انه غادرنا وركن إلى اصدار رواية أثر رواية وهذا ما نشد على همته الثقافية في اثراء المكتبة البحرينية والعربية بشكل عام (!).
وفي التاريخ بعد ان اجهزت الرأسمالية على الاقطاعيين في تحرير العبيد من عبوديتهم وافساح المجال في التدافع كعمال وليس كعبيد في الانتاج الرأسمالي كان ذلك فتحا للانسانية المسبعدة من النظام الاجتماعي الاقطاعي إلى النظام الاجتماعي الرأسمالي: من عبودية الاقطاعية إلى عبودية الرأسمالية (!) ذلك ما راح يأخذ خطواته في السرد الجميل لرواية «حرب البنفسج» «وتعالت اصوات بعض النساء يولولن وراح الرجال يتلفتون حولهم وكأنهم يفرون من عيون الجنود غير مدركين مصيرهم بعد ان وقعت السفينة في قبضة البحرية الملكية البريطانية التي كانت الأوامر قد صدرت بالتصدي لتجار الرقيق.
كانت السياسة البريطانية تقوم على ملاحقة هؤلاء التجار الذين دأبوا في اصطياد الرجال والنساء من بعض القرى النائية على اطراف الحدود وعدد من المدن الافريقية ويتم الاتجار بهم حيث يوزعون، تولت السفينة الملكية عملية اصطياد البواخر المتاجرة بالرقيق وكانت مهمة الرئيس داود لنج الاشراف على هذه المهمة التي يتم من خلالها وقف صيد البشر او التبادل بينهم او مقايضتهم بالارض وغيرها من المواد كما تم تبادلهم كهدايا.
بدت هذه المهمة انسانية في طابعها لكنها ظلت محدودة بسبب عدم جدية السلطات البريطانية في لندن بشأن توسيع العملية لتشمل الرقيق بشكل عام فقد اشتكى الرئيس داود لنج نفسه تخاذل قيادة البحرية في تنفيذ أوامره تاركة المهمة للمصادفات مركزة جهودها على دعم سلطاتها.
كانت سفن القرصنة وتجار الرقيق تجول في المياه دون ان تواجهها البحرية الملكية الا عندما يقوم هؤلاء باستفزاز البحرية او عندما يهدد هؤلاء القراصنة الحكومات.
يشكل جمعة (بنفسج) قائدة بحرية لا تُجارى في همة تفوق همتها همة الرجال وكأنه يشير بذلك روائيا: همم النساء وهمم الرجال متكافئة في مواجهة صعوبات الحياة فالمرأة في انسانيتها والرجل في انسانيته: انهما يتساويان في مواجهة خطوب الحياة وصعوبتها (!) وهما في حقيقة مساواتهن دستوريا تكتمل حقيقة حرية الوعي في الحياة. وفي عصف الرياح تأخذ الامواج عصفها في عصف الرياح وتأخذ الاخطار طريقها إلى الانكسار فالرياح عصية على الانكسار والبحر عصي على الانكسار وكانت (بنفسج) ايضا عصفا عصيا على الانكسار هكذا شكل الراوي البحريني الجميل احمد جمعة المرأة في شخص بنفسج عصية على الانكسار فالمجتمعات لا تنكسر بنسائها ورجالها على حد سواء (!) ويأتي صوت (بنفسج) مدو كأنه الزلزال:«ارفعوا المراسي.. وكانت تلك العبارة كفيلة بإيقاظ نخوة الرجال ومسح الخمول عنهم وكبح كسل اجسادهم الهزيلة الجائعة لتصبح تلك الدعوة لهم مفتاح الفرج» أحمد جمعة: ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين (!).
from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT
Comments
Post a Comment