من رواية “خريف الكرز””لن نعترف بالحب الذي في قلوبنا حتى لا نغتاله”  

من رواية “خريف الكرز”

 

“إن الموت الذي يأتي ممن يلقي بنفسه من ناطحة سحاب، أي موت؟”

ديفيد فوستر والس

لن نعترف بالحب الذي في قلوبنا حتى لا نغتاله”

 A.J

“اسمع رماس، أنت مثل غصن شجرة الربيع اليانعة سهل الإنحاء، لقد ترعرعت في الفقر ثم قفزت للنعيم، بإمكانك التكيف مثل هذا الغصن، أما بنفسج فهي سعير يحرق كلٍ من يلامسه..

أشار له بيده وقد اتقدت عيناه بشرر لم يرى مؤيد مثله من قبل، وضع إصبعه في وجه مؤيد وطفق يهز الإصبع في الهواء محذراً.

“بنفسج هي البداية والنهاية، إن بدأت معها فأنت اخترت النهاية، أنصحك ابني أن تظل في صدر قصرك العامر مع امرأتك تنعم بما كتب الله لك من نعيم ودع عنك فضول البحث عن ولهٍ قديم لا يكمن وراءه سوى هلاكك.

حرك السليط كتفيه للوراء وتابع بذات نبرة التحذير.

 “بنفسج يا بني ليست فتاة ولا امرأة ولا حبٍ أو عشق أو لهو، بنفسج يا ولدي شرارة تحرق كلً من يقترب منها حتى لو اقتربت هي من نفسها، هذه الساحرة خُلِقت لتعيش كالآلهة القديمة في زمن الأساطير والخرافة

“فكر وتأمل واستخر بصلاة في قلبك، بني قبل أن تلقي بنفسك في التهلكة مع بنفسج التي حتى أنا نفسي لم احتمل مقارعتها والبقاء معها ليوم القيامة في البحر، هذا الكائن الخرافي ولدي مؤيد لن ترى معه اليابسة ما حييت، لن تشم معها هواء البر ولن تنعم بالنوم في فراش، ولن تسمع زقزقة الطيور على الساحل، ستقضي عمرك كله في غمرة البحر الأزرق الطويل المتناهي الأطراف، فهل أنت من السذاجة تهجر قصرك الوثير وامرأتك الحسناء ونعيم المهيزعي ودفء الجزيرة وهواء المحرق لتلتحق بسفينة البنفسج في غمار متاهاتٍ مع ساحرة نذرت نفسها للبحر؟

****

رفعت رأسها إلى الأعلى ثم حركته يميناً وشمالاً لشعورها بالتصلب في رقبتها، برهة ونزلت عن العتبة خطوات بطيئة باتجاه الساحة تحت قطرات المطر، لحق بها محاولاً ثنيها عن المضي بالسير في هذا المناخ المشوب بالبرد والرياح.

“أشعر بنزعة للاغتسال بالمطر، كأنه يطهرني من نفسي ويمحو أحزاني، لا أشعر بالخطيئة ولا بالذنب ولست نجسه، لقد طهرني الحب، لكنني أتوق فحسب للاغتسال بالمطر كأنني التحم بالسماء والرعد، لقد خلقنا من الطين ولا ريب في أن نخوض فيما خلقنا منه.

مضت تمشي في المطر وهو يلحق بها متوجساً من تصرفها المريب الذي بدا لها كأنه سحراً مباغتاً مسها في هذه اللحظة، لم تكن طوال معرفته بها تتصرف بغرابة رغم جسارتها وتجاوزها للقواعد، بدت له وهو يلحق بها كأنها خرجت عن السيطرة على نفسها.

“فرخندة، أنت تقتلين نفسك بهذه الثياب الشفافة في مثل هذا الطقس.

لم يخضع لرغبتها في السير، ما أضطر لحملها بين ذراعيه وعاد بها نحو عتبة الدار الداخلية، كانت ترشح بالماء والتصق قميصها على جسدها وتبلل شعرها، قادها من يدها وسط عتمة الممرات وقد خلفت أقدامهما ورائهما كتل الوحل على السجاد، بلغا غرفتهما وأسرع بوضعها على طرف الكنبة ثم جلب الملابس والبطانيات وراح يشطف الماء عن شعرها أولاً ثم تولى تجفيف جسدها بعدها ساعدها على خلع ملابسها واستبدلها بملابس جافة.

“لا تظن أني مجنونة، أنا حامل مؤيد وهذا يبعد النحس.

 

 



from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!