الوفاق - وعد - ذابت كرة الثلج أخيراً

باختصار ذابت كرة الثلج
احمد جمعة



ما أشبه الليلةَ بالبارحة، وما أشبه الإصلاح بالانقلاب، هذا هو عنوان هذا الفصل المحير حقاً من السيرة الذاتية للذاكرة السياسية، وهو بذات اللحظة ينطبق عنواناً جسوراً بدون مونتاجاً للمرحلة القادمة بعد الإعلان عن ميثاق العمل الوطني وبدء رحلة العذاب العلنية في العمل السياسي المفرط في الرومانسية، والذي سرعان ما انفرط عقده وتحول إلى إثارة ورعب، ثم انزلق بعجرفة ثواره الحالمين في بياتٍ شتوي ناهز العشر سنواتٍ إذا ما أخذنا بربط التفاصيل بعضها بعضاً من بداية المشروع الإصلاحي حتى المشروع التخريبي ثم الانقلابي حتى بلغنا النتيجة السريالية التي أدت إلى محنة الدوار في 14 فبراير 2011، ولأبد من العودة للبداية لتركيب قطع الدومينو التي بدأت بقطعة خربة تلتها بقية القطع التي تهرأت ثم انساقت في التساقط وكشفت عن هول الخيال الواسع الذي عاش فيه ثوار القرون الوسطى وهم يحصدون ثمار ثورة فردوسهم عنباً مراً لا يمكن بيعه ولا أكله ولا عصره نبيذاً إلى أن أضحى في خاتمة فيلمهم الرومانسي سماً صرع كل من تجرعه.
من الإصلاح إلى الانقلاب .
بدأت المرحلة السياسية الطارئة الجديدة غير المتوقعة وكأنها صدمة فاجأت الجميع بمن فيهم القوى السياسة والمعارضة السرية وذلك بإعلان ميثاق العمل الوطني الذي به تم الولوج السريع  باقتحام المعترك العلني عقب انكشاف الحياة السياسية السرية، بانطلاق المشروع الإصلاحي في الحياة الديمقراطية من نقطة العام 2002 عندما شهدت البحرين تحولاً دراماتيكياً جذرياً في حراكها السياسي، هذه المرحلة سمحت بفجاجة لبعض الجمعيات أن تُؤسس على قواعد طائفية للأسف المحزن وهو ما أعاد مرة أخرى إقحامنا في دوامة السياسة الرثة وعرقل حركة البناء والتنمية، هذه الطفرة السياسية الإيجابية من المؤلم نسفتها القاعدة الخاطئة التي قامت على أساسها التنظيمات السياسية، فشهدنا نوعاً غريباً وغير مألوفاً من الاصطفاف الطائفي نمى وتضخم ككرة الثلج حتى بلغ مرحلة الانقلاب بعد عشر سنوات من نمو بذرته السامة التي كانت فطراً مسموماً ثم ذابت كما تضخمت، وهي تجربة ثانية بائسة بعد تجربة 1973 وكأن جنرالات الجمعيات المؤزمة وحكمائها لم يدخلوا حتى المدرسة الابتدائية في ألف باء السياسة. في البدء كانت السياسة، هكذا ألَقْب الولادة القيصرية للمرحلة الانتقالية من السرية تحت الأرض إلى العلنية فوق صفيح ساخن، فمنذ البداية حتى قبل أن تنضج الطبخة القسرية التي أفرزها المشروع الإصلاحي الذي أكنّ له العديد من المآخذ والسلبيات من منطلق النتائج والتداعيات التي أنتجها وكانت سبباً في الفوضى العارمة اللاحقة وتوجت بالمحاولة الانقلابية، لقد أسست الجمعيات السياسية أغلبها على مبادئ وقيم طائفية منها السنية والشيعية باستثناء جمعيتين أو ثلاث فرطت من هذا الكهف، منهم الميثاق والمنبر التقدمي ووعد والأخيرتين سرعان ما انزلقتا بحدة وبدون حنكة وقراءة التاريخ المحلي في فخ الربيع العربي مأخوذتين بوهم سقوط النظام الذي أوحى لهما به العقلية التى ازالت انقلابية رغم المناخ الديمقراطي والفسحة السياسية المعقولة التي تسمح بخلق تجربة ديمقراطية فريدة في المنطقة لكن سرعان ما تزحلق هؤلاء القوميون واليساريون الانتهازيون في حضن الولي الفقيه



Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!