انتحار الرواية – أحمد جمعة
انتحار الرواية
أحمد جمعة
بناء شخصيات الرواية أصعب من كتابة الرواية ذاتها، اعقد من أحداثها وبناءها الدرامي، فالشخصية حينما تأخذك تضاريسها نحو عمقا مدوياً حتى تصبح حية متحركة مقنعه للقارئ، وخلال رسم شخصية ما في رواية تكتبها أو تكتبك، فالرواية في جزء منها خلال الكتابة هي التي تمتلكك، وبالتالي تقفز الشخصية أمامك تتحدى أن تواكبها وهي تنمو وتتشكل، أحيانا تجد نفسك ككاتب غير مسيطراً على شخصياتك حينما تفلت منك وتتحرك من تلقاء ذاتها وهنا ذروة تشكل الشخصية فكلما تدخل الكاتب في الشخصية كلما أفسدها. أحياناً تجد نفسك منقاداً لحرف الشخصية عن مسارها وهذا يعتمد كثيرا ما إذا كانت الشخصية ثانوية أو رئيسية، سير الأحداث يتحكم في الشخصية التي رسمتها للمرة الأولى ومن ثم بعد فترة وجيزة حينما يكتمل بناء هذه الشخصية يصبح من الصعوبة التدخل أو التحكم، فحركة الأبطال داخل الرواية مرتبطة بمسار الرواية ذاتها ولا يمكن للكاتب الحقيقي السيطرة عليهم ، صحيح ترسمهم وتقوم بخلقهم ولكنك بعد ذلك تفقد السيطرة عليهم فأنت لست إله يتحكم في خلقه أنت مبدع تبني رواية قائمة على حدث وشخصيات سواء كانت واقعية أو خيالية فهي في النهاية حياة لها مسارها الذي لا يمكن التنبؤ به وإلا أصبحت الرواية مجرد حكاية عادية غير مقنعة. ومن ثم تنتحر الرواية عندما لا تسعف مضمونها، الرواية هي من تكتبك ولست أنت من تكتبها.
في كثير من مواقف الرواية وعبر تفاقم مشاعر الشخصيات، لا أملك ككاتب خيار قتل أو إحياء هؤلاء، الشخصية ذاتها غالباً ما تقرر أن تعيش أو تنتحر أو تختفي….. الخ ولكن بمساعدة الكاتب حيناً وفي النهاية يكون مصير الشخصية معلقاً
from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT
Comments
Post a Comment