قصة الساعات الأخيرة في الزواج السري للشيخة خلود مع القصر – عندما ينطفئ الحب يخبو الجسد

 

 

 +¦+é+¦+¬ +º+«+è+¦+¬ 17-02-2016oimj

عندما ينطفئ الحب يخبو الجسد

مشهد من:

رقصة أخيرة على قمر أزرق

 

 

   Final Dance on A Blue Moon

    BY Ahmed Juma

الرواية هي القسم الثالث من ثلاثية القمر، (1) بيضة القمر – (2) قمر باريسي – (3) رقصة أخيرة على قمر أزرق

 

****

قصة الساعات الأخيرة في علاقة الشيخة خلود مع القصر

خلود

مقطع من الرواية

بدا وجه الشيخة خلود كريشة حمام برونزية، تتراقص برشاقة على ضوء الزجاج الأصفر المتساقط من أعلى السقف، وتتفتت بلون البنفسج منعكسة على المرآة، ممتزجة مع لون الشفاه، ومخلفة آثارً لونية رقيقة كحد السيف، ما كادت تنتهي من زينتها حتى انحدرت أسفل السرير المقابل للمرآة، سحبت ميزان قياس الوزن وصعدت عليه ونظرت بامتعاض إلى ما يشير إليه الرقم وهو الثمانية والستون، هبطت إلى الأرض باقتضاب وتناولت حقيبة يدها وهي ترتدي الكعب العالي وتقفز بسرعة الضوء إلى سيارتها البنتلي السوداء وقبل أن تلمس مؤشر إدارة المحرك أطل عبر النافذة المغلقة وجه رجل صلب البشرة، خمري اللون، تبرز منه عينان متقدتان بالاستياء وقسمات بحرية الملامح ليسألها بنبرة يكتنفها التوتر.

– هل أنتظركِ يا صاحبة السمو؟

– نسيت حتى أن تلقي عليّ تحية الصباح.

– صباح الورد سموك.

نظرة زائغة ألقتها عليه واتجهت برأسها للأمام، ومن دون جواب إلا حركة من أهداب عينيها الطويلتين بلون بؤبؤها الأحمر الداكن، وعبرت ممر البناية تاركةً الرجل يسرح برأسه للسماء وعيناه للأفق البعيد الممتزج  بلون غبار الخريف، لتتغير ملامحه الداكنة نحو الأفول كما لو أغلق ستار السماء وقت الصباح حين ينسل الهواء الساخن قبل أن تزحف حرارة شمس نسيان نحو الأرض موقظة رائحة الأعشاب، وباعثة على النعاس مع أوراق الأشجار الصفراء المنكبة على التراب مخلفةً انعكاس ضوء شاحب يكتنف الوجوه ويثير الوجوم في أرجاء المكان، ظل الرجل مسمّراً على وجه البناية لوزية اللون، فيما تطاير الغبار في وجهه وشعر بنكهته مع رائحة حرارة هواء السيارة الذي خلفته وهي منطلقة منذ وهلة.

– أين تذهب هذا المساء؟

فرطت منه ابتسامة صغيرة تقاوم الاقتضاب وهو يتذكر أن سؤاله هذا ليس عنواناً لصفحة البرامج في الجرائد، ولا هو سؤال عن براءة فلتت من عقله الباطن الذي يختزن آلاف العناوين والأرقام والأسماء الجاهزة للانتشار وراءها، لكأنه خريطة للأمكنة والأزمنة المتلاحقة التي يتوجب عليه حفظها جميعاً حتى يبقى قريباً من المرأة التي كتب عليه أن يحيا بهدف واحد في الحياة القائمة على الأزل، ليكون ملماً وعلى استعداد تام لمعرفة أين تكون؟ وعليه أن يتعرف بمسارها عبر عطرها ورائحة سجائرها، كما عليه أن يتكهن من نظراتها وغضبها وبهجتها عن مكانها، وهي التي تحلق كالريشة في زوبعة بقعر تيارات الهواء.

 كان الخريف، وكان الموج وكانت الرياح الشمالية الساخنة التي تلت فصل الشتاء والربيع، وقد اعتاد أن يتلقى اتصالاتها في أوقات الذروة لأبسط وأسخف المتطلبات، مثل تعرقها وحاجتها الطارئة إلى ملطف الجسد، حين تتصل به من آخر الدنيا ليأتي بها من أقرب سوبر ماركت في الطريق، كانت تتصل وتزف إليه رغبتها في زجاجة نبيذ ماركة تحددها علماً بأنها تملك كميات من الأنواع الأخرى، تمرّن خلال الوقت الذي ظل يحرسها فيه ويراقبها على ألا يتأفف أو يماطل أو يتهرب، لقد تعلم كيف يمتص ثورتها وجنونها وانفجارها، حين لا تجد حولها ما تبحث عنه، كانت تتدبر الهروب والتسكع والبحث في أكثر من سيارة، وتختفي فجأة كما الإبرة وسط الزوبعة حين تحط في أي مطار مساءً وتصحو في مطار آخر صباحاً، ثم تكون في نهاية المطاف بدبي مقر إقامتها الدائم، وعندما تغلق هواتفها السرية والعلنية عليه أن يواجه الرجل الكبير بأسئلته القاتلة.

عندما تنتقل إلى فراشها مساءً بعد كل هذا السباق المشحون بالتوتر لا تجد سوى أنواع المرطبات الكيميائية تدهن بها بشرتها الناعسة بفعل الكميات الهائلة من مواد التجميل، والتي حسّنت البشرة من ناحية وأصابتها بالخمول من ناحية أخرى، وما زلت مشكلتها مع التعرق ليلاً في الفراش قائمة حتى بوجود مكيفات هواء تعمل، ورغم الطقس الذي لم يكن بعد بتلك الدرجة من الحرارة حين تهبط الرطوبة طبقات مشبعة بالندى، كانت مشكلتها تتصاعد مع كل مساء تنتهي به في الفراش، وحتى هذه الأثناء لم تتوقف عن الاتصال به وطلب المزيد من الخدمات، أصبح الأمر معه أشبه بالروتين اليومي، لا تتوقف الاتصالات إلا عندما تكون مع طويل العمر والذي كانت تنعته بالحب، ولم يكن ذلك تعبيراً عن الحب ولا الوله وإنما كناية عن العادة التي درجت عليها منذ بداية ارتباطها به قبل الزواج، حين كانت تدرب ذاتها ونفسيتها ومشاعرها على كيفية تقبله كزوج دائم، إلى أن توصلت معه إلى اتفاق حددت بموجبه زواجها منه بالزواج الجزئي، بدوام جزئي يحررها من الالتزام به ويحرره من مصيدة أسرته الحاكمة، ومن زواجه العائلي، ورغم سرية الأمر الذي على أساسه ارتبطت به قررت من يومها أن تكون شفرة متنقلة بين عواصم  دول العالم، إلا أنها ظلت تحت درجة الصفر الرقابية التي تولت تلبية طلباتها لحظة بلحظة، مع ما يرافق ذلك من مجهر مسلط على مدى الأربع والعشرين ساعة من اليوم، كان الرجل المكلّف بالخدمة تحت ضغط الحفظ والتسجيل والمتابعة للعناوين والأرقام من دولة لأخرى، ولم يمنعها كل ذلك من العيش باسترخاء بعض الساعات حينما تفلت هنا وهناك.

الأيام سريعة تمر بين المطارات والحجوزات وهو يختزل لها الوقت وإجراءات السفر من خلال جوازها الخاص، وبين المجمعات التجارية وفنادق الخمس والسبع نجوم ولقاءت تتكرر مع الحب الذي سريعاً ما يأتي وأسرع ما يغادر، على ضفاف البحر أو في قلب المطاعم الفاخرة كانت المشاعر تفيض بالسعادة وتغمرها الأحاسيس بعالم سري ممتلئ بغرائب الناس والطباع والمعارف الجدد الذين يأتون ويغادرون بسرعة الضوء وكأن الكرة الأرضية اختزلت في رأسها بهذه الدائرة الممتدة بين جواز السفر الدبلوماسي وبين الأصدقاء والأسرار وأضواء المطاعم  الفخمة التي أصبحت بروائحها الزكية وأضواء شموعها ونكهات أجبانها وأشكال زجاجات الشمبانيا التي حلت  بديلاً عن الأهل والأسرة، عوضاً عن دفء جدران المنزل وصلة القرابة وحنين الأهل، وحتى التاريخ والجذور والأمكنة وذكريات الحي وعبق الأيام الخوالي ورونق صفصاف ورق البحر، وأوقات السنة وزهر الربيع وورق الخريف وبرد الشتاء الذي لم يكن ببرودة السنوات الماضية، كل هذه الفسيفساء صنعت لها صحراء مشعة بكل ألوان العصر كأنها مدينةً الكترونية تعيش العصر وسط فضاءٍ عشوائي من الناس والزجاج والحجر والألماس والأوراق المالية المختلفة، بين الدولارات والدراهم والريالات والدنانير وهي تختلط في حقيبتها مع عشرات بطاقات الائتمان متنوعة الإصدارات، كانت الرحلة تبدأ بدون مواعيد ولا تخطيط وإنما باتصال يأتي في وقت غير متوقع، فتهرع إلى المطار بعد أن تستلم تذكرة السفر من جهاز الكمبيوتر وتستقر بقية اليوم أو الليلة في فندق بدبي، أو بفيلا في القاهرة، وتختلف الرحلة اليومية عن الرحلة الأسبوعية حين تتوزع بين مطارات لندن وباريس ومدريد أو غيرها، بحسب الرحلة والرغبة في الاستقرار لفترة تسمح لها بأن تعوّض التوتر والأرق حينما تمتد لياليها طويلة في عزلة مع مواد التجميل وحقائب السفر، تفرزها بعد كل رحلة، تتجاذبها الأسواق الحرة، فتغرف من مختلف ماركات العطور والساعات والإكسسوارات، وتمني النفس بهدايا للأصدقاء والأهل والأطفال وتحلم بتغليف تلك الأشياء التي لا تتوانى عن شرائها لتكتشف بعد الخدر وبعد أن تفيق من ثمالة الساعات المشحونة بغياب العقل الواعي، حين يطفق عقلها الآخر المدفون في اللاوعي بالتسبب في العديد من التصرفات الغريبة والخارجة عن نطاق وعيها المتجسد في كثرة حالات النسيان، خاصة بعد الليالي التي تسرف فيها بالشراب وتناول الأقراص المنومة، كانت تهرب من كل الضجيج والفزع الذي تتركه أصوات الطائرات وعربات الشحن وسكون القلب الذي كلما تسللت الطائرات وراء الغيوم الكثيفة والسوداء وتدفقت الدورة الدموية حادة وساخنة مع كل موجة من المطبات الهوائية، كلما تدفقت شرايينها معلنة عن ذبذبات من التوتر يختلف عن الذي قبله، فتحزم قرارها بالاستقرار في مكان تسكن إلى الراحة وتبدأ بمزاولة تمارين الاسترخاء والتنفس، حتى الرجل المكلف بحراستها، يسكن وتهدأ أعصابه ويبدأ هو الآخر في الاسترخاء، وما يكاد يمر شهر حتى تقفز من سريرها أو حمامها أينما كانت وتهرع لجهاز اللوبتوب لتدخل على  مواقع الحجوزات وتبدأ على الفور بالبحث عن ملاذ آمن تزيح به عن كاهلها مشاعر الاستياء، ترسل رسالة الكترونية تنبئ فيها الحب بقرارها المغادرة، كان فندق أتلنتس بدبي مكانها المفضل حين تستقر بسويت مطل على حوض السباحة وسلسلة النخيل، وجسر عبور المترو، فتبدأ أول خطوة بإزاحة الستارة عن الغرفة وتحضير زجاجة النبيذ الأحمر الذي تجلبه معها في الحقيبة، فهي لا تثق بمستوى ما يقدم لها من خلال خدمات الغرف، في أي مكان من العالم تحل فيه، كانت مشاهدة المنظر المطل على الخارج متعة الدقائق الأولى لوصولها الغرفة، أما المساء الذي تصل فيه إلى هناك فهو الاستراحة التي تهيئ بها نفسها ومشاعرها وجسدها لحين وصول الحب.

****

 

” في مكان ما وعند حافة بحر عميق، أمنح وجهي لشفق مشع بالغموض، وأخيرا وجدت الحب! أَقترب من ناس وأبتعد عن ناس، أغضب ولكن ليس من نفسي، وأحتج ولكن على الدنيا، فأنا مسترخية ومرتاحة ولا توجد بي أمراض ولا أعاني من استياء ولكن الوحدة والعزلة زميلاي الدائمين، كل ما أمر به غير عادي. ألوان من البشر وكم هائل من الخدمات يتبرع بها الآخرون لي، لا أُعاني من خوف حتى أني لم أعد اطوي الأيام ولم أعد أعبر الشوارع المزدحمة، كل ما حولي ساكن وصاخب، انتهيت من كل شيء سيئ، وحده الحب أُكرس وقتي له، الحوار بالليل مع الحب يأخذني إلى عوالم بنفسجية الأطراف، فلا يبقى في الدنيا سوى الحب الذي لم يُقصر في يوم معي بشيء إلى حد أنني أغرق في البذخ وأنعم بالحرية وأجول العالم ولا يهمني من الدنيا إلا صحتي وسعادتي، فلم أعد أخاف العالم ولم أعد اشغل فكري بمجريات التفاصيل اليومية، هربت ذات مرة من الشارع المغبر، أخذت أجري بالسيارة كما لو كنت أجري بقدمي، ألهث كنت وسط نظرات الطائشين من الشباب، كان الشارع ضيقاً وكنت أهم بالهرب من تلك الشوارع وكل همي أن أصل، إلى أين؟ لا أعرف كانت ثمة سيارة تتبعني، اقتربت مني حتى كادت تصدمني وتزيحني من الشارع حتى كدت أصطدم بالرصيف، حدث ذلك مرة ولم يتكرر لأني من يومها هجرت الشوارع الضيقة، ما عاد شيء يبهرني اليوم سوى الفنادق على غرار برج العرب وأتلنتس وجميرا، دبي.. وحدهُ المكان المحبب للعيش فيه، أشعر بحريتي الكاملة وبصلتي بالدنيا، لا من يراقب ولا من يتجسس إلا عندما يتعلق الأمر بالسياسة وهذه من آخر همومي.                                                

عندما أغير المكان كان الخوف في الماضي يتملكني، عيوني تحترق وجسمي يبلله العرق حتى في الشتاء.. أتساءل .. ماذا أفعل في هذا الوقت وهذا المكان؟ أكون مذعورة ومشوشة، ومنذ أن عرفت الحب حررني ذلك من الخوف فأنا الآن أسحق بقبضتي ألف رجل، وأمسح عن وجه الأرض كل من يحدّق بي، أنا الآن قوية ومسترخية وواثقة من نفسي ولا أملك إلا فندقاً وتذكرة وحقيبة لا أحملها بنفسي فهي تصل قبلي إلى أي مكان أقصده. هذه أنا، خلود، أتلذذ بلقب صاحبة السمو برغم كوني زوجة سرية لطويل العمر.. الحب.                                                                           

منذ أيام حلمت بمرايا مهشمة تعبر الشارع معي ثم تتجمع وتبدأ في احتضاني لأصبح قطعة مرآة كبيرة، أعبر الشارع، وجوه وسيارات وعمارات وأضواء صاخبة كلها تتجمع دفعة واحدة ثم تختفي، كانت المرآة على هيئة امرأة بهيئة البحر وكان ثمة سمكة أشبه بقرش أسود بزعانف قريبة الشبه بعمامة رجل دين.. ما هي الحكمة من هذا الحلم سألت نفسي وأنا ما زلت أحلم؟”                                                             

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

استعد خليفة لعقد صفقة مع أحد رجال المال من خلال اتصالات جانبية من وراء كتلته، وحرضته نعوم على التقاط الخيط الذي مده له بعض رجال المال لتمرير بعض الأفكار فيما يتعلق بمشروعات ذات طابع محافظ، وهذه الفرصة كان يتطلع إليها غالبية أعضاء التيارات المحافظة، غير أن رجال المال بحثوا عن أكثر الأعضاء بعداً عن الإثارة، فوقع الاختيار على خليفة الذي التقط الإشارة ودعمته نعوم حين بحث معها الأمر مبدياً تخوفه من عدم التنسيق مع كتلته، فما كان من المرأة إلا أن أعلنت له بأن الجميع يتطلعون لمثل هذا العرض، ولو وقع على أيٍ منهم لما شاوروا أو تحفظوا، كانت تلك أولى محاولات خليفة في التحرك المستقل من وراء كتلته، وفيما كانت نعوم مشغولة باتصالاتها للبحث عن قطعة أرض بالمحرق لشرائها ولو بالتقسيط بداية من خلال العروض المتاحة لأعضاء مجلس النواب من البنوك الإسلامية خاصة، ظل هو يتأرجح في التواصل مع السكان، فمن جهة كانت الالتزامات العملية والنيابية تأخذ وقته كله، في ذات الوقت كان الكثير من السكان لا ينقطعون عن التردد عليه والإتصال به لتمرير أو تحقيق أو تذليل بعض الخدمات التي يحتاجونها، وقد فرضت عليه نعوم قانوناً ابتكرته له وهو ألا يرد شخصاً يقصده، وألا يمتنع عن الرد على مكالمة شخص يطلبه، فهم وحدهم الذين سيحفظون له فرصة الترشيح والفوز في الدورة القادمة مع بعض التعديلات هنا وهناك، نعوم كانت العقل المدبر له حتى فيما يتعلق بعمله واتصالاته، وقد استجاب لها من باب تخفيف حمل التفكير في الأمور الكثيرة التي كان بعض النواب يعتمدون فيها على فريق يعمل معهم، وقد وظّفت نعوم أحد المراسلين ممن تعرفت عليهم خلال الحملة الانتخابية لقضاء مصالحها تخليص معاملاتها ومعاملاته الخاصة مع البنوك والمؤسسات الأخرى التي فتحت معهما أبواباً لخدمات عدة، كاستخراج سجلات تجارية وشراء أراضٍ، وكان خليفة يكتفي بتوقيع الشيكات ودفع الفواتير من دون مراجعة أو سؤال، واثقاً مما تقوم به فقد ترك لها التصرف بحرية في الشئون المالية واضعاً في باله قدرتها على إدارة أمواله من خلال خبرتها في إدارة شئون الدار أبان حياة الشيخ خلف.

أرادت نعوم قطع مسافة سريعة بين ما فاتهما من فرص في الحياة وبين استغلال الفرص المتاحة لهما خلال تولي خليفة مقعده النيابي، فقد كانت تردد له عن رغبتها في اختزال الوقت لتحقيق تطلعاتها وهذا ما دفعها للبحث عن أرض جديدة بالمحرق للعودة إليها مرة أخرى ونسج علاقات مع سكان الحي وبقية الأحياء التي كانت على صلة بها، ولم تتردد في زرع بعض النسوة ممن عملن معها في حملتها الانتخابية في الحي، ليقمن بالتواصل مع بقية السكان ونقل الأخبار لها، فقد كن بمثابة عيونها وسمعها في الحي، وعملت على التدخل تدريجياً في الخدمات المتعلقة بالسكان، وهذا النشاط دفع من قبلها مبارك للإستعانة بها في بعض الأمور المتعلقة بعمله في المجلس البلدي، وكانت تلك فرصتها لبدء التسلل لعالمه والتعرف على ما يدور فيه، في البداية بدا متوجساً من تدخلها وهو العارف بأسلوبها في التدخل، ولكنه بدا حذراً في التعامل معها وأحس بالخوف منها، عندما أعلن عن مشروعه للحفل التكريمي متردداً خشية من معرفتها بما يدبره لجمعها مع سلمان، ظل متردداً في مواصلة الفكرة، ولكن مجيء خليفة ودخوله على الخط، جعله يرتاب في الترتيب المعد فكان يجري التعديلات هنا وهناك على الفكرة ليصل بها لصورتها النهائية، وفي نفس الوقت كان يقوم بالبحث عن نسيمة من وراء ظهر نعوم وخليفة، وقد فاجأته بسؤال حول تردده على مكتب السياحة الذي كانت تعمل به نسيمة وذلك من خلال رسالة بعثها خليفة عن طريقها تحذره من التورط في البحث الذي من شأنه أن  يربط بينه وبين اختفائها.

– أشك من دوافعها في منعنا التقصي عن الفتاة، لقد كانت واحدة منا بحكم والدتها المنتمية للدار، أضف على ذلك أنها صديقة لطوف وقد وعدتها بالبحث عن مصيرها.

خليفة يدرك أن الآخر يبحث عنها لنفسه، وهذه المشقة لم تأت من فراغ، فقد أجرى هو الآخر بحثاً ووجد الأسرار تكتنف العلاقة التي بدأتها لطوف منذ سنوات حينما كانت متحمسة لزواجه منها، ورغم الغيرة التي يخفيها إلا أنه فضح مشاعره أكثر من مرة حين كان يموه الأفكار ويخبئ المعلومات عنه.

– أمك لا تريد امرأة لك ممن ينتمين للدار، أنها تفكر أبعد من المحرق.

– هل أخبرتها بأفكاري عن المرأة.

– لماذا تعتقد تركتك تهيم على وجهك في دبي خلال السنوات الماضية؟

– خليفة.. صرنا نعمل ضد بعضنا؟

– أنا أخبرك بما يجري في رأسها.

– أنت آخر من يعلم بما يدور في رأسها؟

– حقاً؟

 




from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!