الحب في زمن المصالحة الوطنية

الحب في زمن المصالحة الوطنية

احمد جمعة
 بعيدا عن السياسة قليلاً !


الحب هذا الكائن الشعوري المختفي من أجواء البحرين منذ سنة وأكثر لا يبدو ان في الافق ما يبعث على التفاؤل به لا لأن الحب صار يعيش على ضفتين ولا لأنه غادر حزيناً على اجواء الرومانسية التي شتتها الأفكار التخريبية لكنه أختفى ببساطة لأنه لا يوجد احداً من الضفتين لديه وقت للحب فقد  انشغل الجميع بالسياسة واصبح الرجال والنساء والفتيات والشبان اما في المظاهرات والمسيرات وأما في المآتم والمساجد للتزود بالوقود اللاهوتي لمزيد من السياسة وهذا يجعل لا وقت للحب ولا لبطيخ  الحب.
 عودة لموضوع الحب في هذا الزمن الاستهلاكي ومع الصراع الشرس على لقمة العيش يبدو الحب حتى هذه اللحظة مؤجل عند الكثير من فتيات البحرين على عكس الشباب الغارق في البحث عن الحب أكثر من البحث عن وظيفة او فرصة عمل افضل، وهكذا تتضارب المشارب بين الفتيات الواقعيات والشباب الحالم بالرومانسية، مما يدفع الطرفين الى مفترق الطرق خاصة عندما يتعلق الامر بالحب من دون ضمانات بوجود رصيد معقول وسيارة وموبايل  من دون بطاقة مدفوعة الاجر وطبعاً لا تتوفر هذه الامتيازات للآلاف من شباب البحرين، فيما حلم الفتيات بحب مصحوب بوفرة في الاوراق النقدية التي هي اليوم البوابة لاقتحام القلوب الفارغة من الاحلام الرومانسية التي كانت سائدة قبل سنوات الطفرة المالية والاستهلاكية والسياسية التي رافقت التحولات في البحرين التي ما عادت بحرين القرن الماضي.
اليوم السياسة والتخريب واعمال العنف والتظاهرات اليومية ومشاريع المصالحة والوحدة الوطنية تشغل بال الجميع وتبعد الحب عن طريق الشباب إلا ما يدخل فيه المال والتكسب باسم الحب فهذا يشمل البورصة السياسية، فكما هناك بورصة للحب  كذلك هناك  بورصة للمصالحة الوطنية والكل يختار طريقه.
اكتب عن الحب لأنني مللت  من الكتابة عن السياسة بعدما وجدت البلد تتجه للتسيس والجميع يتجه للسياسة والمكان الوحيد الذي تشغل بالك فيه بعيداً عن التوتر هو الهروب الى الموضوعات الرومانسية وطالما ان الرومانسية هي الاخرى غائبة من حياتنا لان السيطرة للسياسة التي قلبت كل  شيء فاكتفي بهذه الاستراحة بانتظار ما تسفر عنه المضاربات في البورصة السياسية وهي مضاربات سوف ينتج عنها بلا شك تسونامي غير متوقع بسبب تضارب المصالح.  
نبقى الأمر حالياً في نطاق واقعنا الاجتماعي وبين فتياتنا وشبابنا والمستقبل فجوة بحجم الكابوس الذي يسد الطرقات المؤدية الى أي نوع من الحلم بحياة مادامت الامور متجهة للتعقيد بدلاً من الانفتاح على العالم وعلى المستجدات، وللأسف الشديد ان الحب والمال لا يكفيان ليكون كل واحد منهما بمعزل عن الآخر ، الا ان المال وحده يمكن ان يسير الحياة بعكس الحب الذي لا يمكن وحده أن يصنع السعادة وهذا كان في زمن الاجداد والجدات ولكنه اليوم كارثة ان لم يقترن بالمال، وحتى لا نظلم شبابنا وفتياتنا أعينوهم على تحسين الحب بتحسين حياتهم المالية وهذا ما تفعله بقية دول مجلس التعاون، والدليل ان ابناء المجلس اشقاءنا يجدون الحب عندنا فيما شبابنا لا يجد الحب هنا بسبب المال الذي هو مفتاح الفتاة البحرينية اليوم.  
المأخوذين بالرومانسية في هذا الزمن الطائفي يعدون على اصابع اليدين وهم معزولون ويشعرون بالوحدة وغادر اغلبهم ضفة الطائفة واكتفى بالعزلة الكونية التي تغني عن الشعور بالوحدة في زمن البورصة السياسية،  فالحب له قوانينه الصارمة والسياسة لعبة المتاجرين ولا تجتمع  السياسة مع الحب الا في وقت الازدهار الرومنسي وليس هذا زمن الرومانسية بكل تأكيد.
منذ أيام تلقيت دعوتين دعوة لحضور حفل زواج ودعوة لحضور ملتقى يحمل عنوان المصالحة الوطنية ومن الطريف ان تكون الدعوتين في يوم واحد وفي وقت واحد تقريباً فاحترت ايهما اختار الذهاب؟ الى دعوة الزواج ام الى الملتقي الوطني الذي يحمل عنواناً للمصالحة؟
هذا هو حال البحرين اليوم.
دعوة للاحتفال بالزواج ودعوة لحضور فعالية سياسية والمستقبل مجهول.




Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!