خريف البطريرك –

 

 

روايات قرأتها ولن أنساها:

42782647283987

خريف البطريرك

 

تتناول رواية (الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز) خريف البطريرك قصة أحد طغاة أميركا اللاتينية دون تحديد دقيق لبلد هذا الطاغية، وتحكي بطريقة غير متسلسلة، قصة حاكم لا يعرف أي شيء عن ظروف السياسة العالمية، وربما لا يفهم أبداً ما إذا كان ثمة في الكون بلاد غير بلاده، فهو مجرد أحمق جاء إلى السلطة عن طريق المصادفة وصار سيدها وحاكمها المطلق.

تعود بداية الأحداث في الرواية إلى الطفولة الأولى للبطريرك أثناء فترة العهد الأخير لنظام النيابة الملكية لأسرة (غودوس)، وتندلع بعد حروب الاستقلال حرب أهلية بين الليبراليين من جهة والمحافظين من جهة أخرى لمدة زمنية تقارب الإحدى عشرة سنة ينتزع من خلالها السلطة ما يقارب أربعة عشر جنرالاً الواحد تلو الآخر، ويكون في آخر هذه السلسلة من الجنرالات جنرال مستبد تجرأ مرة على أن يرفض شروط ومطالب الإنكليز، وأقدم على الانتحار مع كافة أفراد أسرته على إثر حركة مسلحة كان قام بها ضد البطريرك بإيعاز وتوجيه من الإنكليز أنفسهم، وهكذا تمت العملية إلى أن تم بواسطة الإنكليز والقوات المسلحة تعيين وتنصيب البطريرك قائداً ورئيساً لهذه الجمهورية.

وهو شخص أمي دموي مستبد معدوم الضمير، حين وصل إلى سدة الحكم كان الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في منتهى السوء وهذا ما أدى لتعرضه إلى بعض المتاعب لكن تم تخليصه وإنقاذه بفضل جهود ومساعدة أميركا مقابل استثمار الثروات الكثيرة والمدفونة في أرض البلد، ولذلك بقي البطريرك في سدة الحكم وطال بقاؤه بفضل تمتعه بحاسة شم تسمح له بأن يحس الخطر في الوقت المناسب والمكان المفترض، ولذلك دائماً ما تتصف ردة فعله بالقسوة المفرطة ضد معارضيه… تتكرر مناوراته ضد المناوئين لحكمه بشكل دوري ويخرج منتصراً من الكمائن المنصوبة له ومحاولات الاغتيال العديدة التي تعرض لها من جهات سياسية عديدة، وحين يحاول بطريقته المخاتلة والمخادعة أن يذيع بياناً يتحدث فيه عن نواياه الطيبة القادمة أو يعلن العفو العام حتى تنطلق من جديد أساليب القمع بصورة أكثر وحشية ودموية عما كانت عليه سابقاً

ومن المشاهد الطريفة في الرواية: تمثيلية اليانصيب التي تحاك بهدف إزاحته وإسقاطه.. فلكي يبقى البطريرك رابحاً على الدوام كان يعمل عند كل سحب للبطاقات على احتجاز طفلين ويلقي بهما في غياهب سجونه، وبمثل هذه الطريقة اختفى ما يقارب الألف طفل، وهنا يبدأ الأهالي بالاحتجاج مطالبين الرأي العام بتفسيرات لما يحدث وبإطلاق سراح هؤلاء الصغار، وعندما يعلم هذا الحاكم بما يجري يأمر بتفجير المركب الذي حشر فيه هذا العدد الكبير من الأطفال وهو في عرض البحر وعلى إثر هذه القضية يكتشف فجأة أن شخصية (رودريغو دو أغيلار) هذا الشخص الذي منحه ثقته المطلقة هو العقل المدبر الأول لكل هذه المؤامرة المحاكة ضده فيقدم إلى وضعه في الفرن لشيّه وتقديمه لاحقاً على طبق من الفضة إلى كل الجنرالات المشتركين والمتورطين الذي يجدون أنفسهم مضطرين لأكله خلال إحدى حفلات العشاء السرية الضخمة التي كان يقيمها هذا الطاغية كل مدة.

(خريف البطريرك) لا تحكي قصة طاغية بعينه، وإنما قصة حكام الرعب والتعذيب في العالم كله، أكثر من 14 جنرالاً في رجل واحد، إنها قصة المأساة العميقة التي تعاني منها بعض شعوب العالم الثالث، في الرواية هناك دكتاتور يتسلل بأفعاله وفضائله كل شيء في البلاد، وهو يعبر الأزمنة ويتكرر في نسخ من صنع ذاته حتى ليبلغ عمره 232 عاماً قبل أن يتأكد مواطنوه أنه مات فعلاً

 




from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!

?What is the story of the British yusra