كل سنة وزير جديد


كل سنة وزير جديد..

كل الذين التقيتهم سواء خارج البحرين أو داخلها من العرب والأجانب أكدوا أن البحرين قادرة في غضون خمس سنوات على الأقل على اللحاق بدول المنطقة وأنها ستستعيد عصرها الاقتصادي الذهبي إن وضعت أمام “عينيها” ثلاثة مبادئ أساسية، وهذه المبادئ استخلصتها شخصياً من عدة عناصر ومقترحات وملاحظات سردها هؤلاء في احاديثهم معي خلال السنوات الأخيرة وجمعتها مؤخراً من خلال رصد أقوال هؤلاء الذين اصنفهم بأنهم أصدقاء البحرين منهم البريطاني الذي يدير فندق هوليدي إن من لندن ومنهم سياسي مصري ومنهم مثقف قطري وإعلامي اماراتي ومذيع خليجي... وغيرهم، كانوا جميعهم يولون البحرين اهتمامهم خلال السنوات الماضية، يأملون أن تعود البحرين وتحتل مكانتها العالمية والاستراتيجية التي كانت عليها قبل خمسة وعشرين عاما تقريباً. والآن أعود للمبادئ التي جمعتها واستخلصتها من وجهات نظر وآراء وملاحظات هؤلاء الاشخاص الذين استطيع أن اصنفهم بأنهم من أصدقاء البحرين حتى لو كان بعضهم بعيداً عنها وعلى مسافات شاسعة مثل هذا المدير التنفيذي البريطاني الذي قال لي بالحرف الواحد “لديكم رئيس وزراء تحسدون عليه وعلى ما قدمه  للبحرين من تطور” هذه المبادئ أوجزها في التالي:
لابد من عودة سريعة لتعديل الميزان الذي اختل في السنوات الأخيرة وجعل من السياسة كل شيء وأبعد التنمية ورسخ العمل السياسي وخصوصا الخطابي والشعاراتي على حساب البناء والتنمية، لقد اختل التوازن وسقطت البحرين في فخ السياسة وأصبح كل شيء مرتبطا بالسياسة، وبدلاً من أن تهتم الدولة بالسياحة حلت السياسة محل السياحة عكس ما فعلت دبي التي احلت السياحة فيها بدلاً من السياسة، ومن أهم الأسس التي يتوجب ان تستعيد فيها البحرين مكانتها ودورها الاستراتيجي في المنطقة هو أن تستعيض عن السياسة بالسياحة، كلمتان قريبتان من بعضهما ولكن نتائجهما على البلد غاية في الأهمية فواحدة سلبية  مدمرة والثانية ايجابية مزدهرة، فلتختر البحرين بين السياسة والسياحة وهذه مسؤولية الدولة وفي مقدمتها وزارة التجارة التي الحقت بها السياحة مجرد فرع في دائرة شاسعة.
المبدأ الثاني في محاولة استعادة البحرين مكانتها السابقة والعودة بالتوازن القائم على البناء والتنمية والتفوق في المنطقة، أي العودة لجذور المسألة الأساسية في العمل الوطني الذي يقوم على المحافظة على المكاسب والمنجزات، أنت لا تستطيع ان تواصل البناء وتتفوق على الآخرين وتعود الى حلبة السباق مع دول المنطقة وحتى خارج المنطقة ان تنكرت للمكاسب السابقة التي حققتها وتخليت عن المنجزات التي كانت تقوم عليها العملية التنموية، وما حدث للأسف الشديد في السنوات الأخيرة وخرب العملية الانتاجية هو دخول أطراف طارئة على القواعد القائمة عليها التنمية السابقة مثل قوانين هيئة سوق العمل وتجارب هذه الهيئة بين فترة وأخرى واستحداث قوانين غريبة في السوق وتجريبية أدت كلها لفوضى عارمة، هذا الركود اليوم من نتائج التجريب، ليس هذا استنتاجي وحدي بل هذا ما استنتجته من هؤلاء الذين تحدثت معهم.
المبدأ الثالث والأخير الذي سيمكن البحرين من استعادة مكانتها البارزة السابقة هو البدء فوراً بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ووضع المرأة المناسبة في المكان المناسب، هذا المبدأ الذي كان قائما في العقود الماضية والذي على أساسه بنيت القواعد الصلبة لمكانة البحرين التي افتقدناها في الفترة الاخيرة رأينا كيف يكون الاختيار للأسف الشديد على أساس التجريب وليس على  اساس الخبرة والكفاءة والمعرفة الدقيقة بالمستوى للمسؤول الذي سيتولي هذا المنصب أو ذاك، هذا العنصر الأساسي في بناء المجتمعات ومعه تكمن المتانة في الثقة بالمسؤول، وإلا كيف تريد مني أن أبني وأطور جهازاً في الدولة كوزارة الإعلام على سبيل المثال وفي كل سنة يتولاها وزير؟
هذا باختصار ما خرجت به من قراءاتي للذين تحاورت معهم من العرب والأجانب فيما يتعلق باستعادة البحرين مكانتها التي كانت عليها في العقود الماضية، وفي الختام اتمنى أن يتسع صدر الجميع لتقبل هذه المصارحة النابعة من حرص على رؤية البحرين في المكانة التي نريدها والتي كانت عليها من قبل.

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!