العشق بركة الله بين الناس في رواية الخراف الضالة

 

العشق بركة الله بين الناس  في رواية الخراف الضالة

 


الخراف الضالة - رواية

مع الناس
جريدة الايام

  بقلم :اسحاق يعقوب الشيخ

الخراف الطائفية الضالة

حركة الأدب ترتبط بحركة الواقع المادي والفكري.. الذي يعيشها الاديب البحريني في مملكة البحرين.. ومنذ اكثر من عامين لم يكن الواقع المادي والفكري في المجتمع البحريني على ما يرام.. فقد كان عنف الارهاب والتخريب على خط الواقع المادي والفكري في البحرين: فأين كان المبدع البحريني من عسف العنف الطائفي.. وردة فعل هذا العنف الطائفي؟!.

استطيع ان اقول مطمئناً ان الأديب البحريني بشكل عام لم يأخذ دوره الأدبي على الوجه المسؤول في تحريك الروح الأدبية الابداعية تجاه واقع العنف الطائفي الذي يضغط على حياة الناس في المجتمع.. حتى اولئك الشعراء والأدباء والكتاب البحرينيين الذين يأخذون رواتب تفرغ في انشطتهم الادبية لم يُحركوا ساكناً لا شعراً ولا قصة ولا رواية ولا مسرحية كأنهم في صمتهم الادبي والفني المطبق يُساكنون وجدانية العنف والارهاب بوجدانيتهم الخاوية في قلب الطائفية!!
فأين الشاعر الحداد.. والكاتب النجار وأين… وأين… وأين… من الذين تقرفصوا قواقع الذات واطلقوا شخير نومهم في العراء كأنهم امام حريق الطائفية الذي يأكل يابس واخضر الوطن لا يعنيهم في شيء!!.

واني إذا اشدُ على يد زميلنا الاستاذ احمد جمعة الذي شمر عن ساعد وطنيته الادبية والابداعية ونزل بمبضع ازميله الادبي في قلب الارهاب الطائفي على ايقاع سرد رواية جميلة اطلق عليها اسم «الخراف الضالة» وهو ما يتمثله الاديب احمد جمعة خيالاً تراثياً: ان المسيح جاء هادياً لضلال بني اسرائيل اولاد ابراهيم بالجسد اذ انهم ضلوا الطريق بسبب قيادتهم الدينية التي تلتزم بحرفية الناموس فابتعدوا عن الطريق الصحيح!! وهو ما يأخذ دلالة رمزيته في عنوان الرواية «الخراف الضالة» وكون ان سوائم الغوغائية الطائفية بخرافها ونعاجها تراهم سادرين ضمن حرفية ناموس الطائفية خلف قيادتهم الدينية فابعدوا وابتعدوا عن الطريق الصحيح
فالادب في حرية ابداع استدلالات خيالاته وفي استجلاء التراث وقراءة الواقع في وهج الخيال!!.

رواية «الخراف الضالة» تتجاوز 400 صفحة لناشرها: دار الفارابي ببيروت – لبنان.. ولا يمكن لكاتب عمود في جريدة يومية ان يُغطي في نقده مجمل تفاصيل فصول الرواية!!.

ان فكرة الرواية تتناول في جوهر سردها ازمة الأحداث الطائفية التي تمر بها مملكة البحرين.. وقد تجلى الخيال جميلاً في متناول سرد احداث الرواية وقد توصفت كونها «رواية عن الواقع الخيالي» واحسب ان التوصيف فقد الدقة: أهو واقع الخيال.. ام خيال الواقع؟! واني ارى بالقول: خيال الواقع وليس واقع الخيال!! فالتخيل للواقع وليس الواقع للتخيل.. فالمبدع يتخيل الواقع وليس الواقع يتخيل المبدع تماماً فالابداع تخيل للواقع.. وليس الواقع تخيلا للابداع!!.
وتكمن اهمية الرواية في استجلاء ما هو جميل في الحياة… وادانة ما هو قبيح فيها وفي المفاضلة بين العام والخاص جمالية عموم المواطنة وخصوصية القبح الطائفي… وتأخذنا الرواية على ايقاع علاقة حب حميمي بين زهرة وحمد.. علاقة حب بين بحريني وبحرينية تناضجت واستوت عناقيدها في وهج المواطنة رغم انف الطائفية بين زهرة الشيعية وحمد السني.. كأن الرواية تشعرنا بان مشاعر المحبة بين الناس في المواطنة تجتاح المشاعر الطائفية وتأتي على دابرها وكأن الحب شرطها.. وهو ما نراه في ظاهرة التزاوج بين الشيعي والسنية وبين السني والشيعية.. انها رياح عشق الانسان للانسان التي تجتاح رياح الطائفية البغيضة في بحرين المحبة!!

وكانت زهرة الولوعة المتيمة بحمد.. تأخذ حمداً طيفاً إلى صدرها في هدأة وحدتها وترتطم مشاعرها غضباً وكراهية «على اصوات الفزع والاضطراب التي تتداخل في اصوات الطلقات النارية وفرقعات مسيلات الدموع التي تتوالى طوال اليومين والليلتين الماضيتين.. تسمرت امام المرآة جاحظة العينين ساهمة النظرات يطبق عليها وجوم الكآبة الشديدة التي سببتها الاصوات المتداخلة للعربات والطلقات والصرخات المنبعثة مع ولوج القوى الأمنية في القرية» فالحب في أمنه وسعادة محبيه وفي تجاذب سلمه.. وكلما طاب السلم في المجتمع كلما طابت فاكهة المحبة ودانت لذائذ أُكلها بين الناس!!.

وكانت رسالة الترسل الادبي والفكري في رواية «الخراف الضالة» تضع نقاط حروفها على جروح الكراهية الطائفية التي تقطع حبال المحبين بعد الوصل ارباً ارباً من خلال زرع الفتنة في المجتمع البحريني وكأن العنف الطائفي قد صرم حبل وصل الحب بين زهرة وحمد فقد دخلت زهرة السجن.. وكانت زهرة ناشطة حب وليس ناشطة ارهاب طائفي الا ان ردّة فعل اجهزة الدولة امام العنف الطائفي – احياناً – تتجاوز الدقة في القبض والاعتقال!!.

لقد حال عنف الطائفية بين زهرة وحمد.. كما حال عنف العنصرية يوماً بين ريتا ومحمود.. وكأن حمد يُشطر شعر محمود درويش:

بين زهرة وعيوني طائفية

والذي يعرف زهرة

ينحني ويصلي في العيون العسلية 

انها الطائفية الشمطاء تكشر عن انيابها الصفراء.. وتسد طريق الوصل والتواصل بين زهرة وحمد: «ومع تفجر طلقات مسيلات الدموع واندفاع عدد من دوريات الأمن بسرعة هائلة بعضهم صعد إلى الارصفة من الشارع المقابل والبعض الآخر تقدم من طابور السيارات المتوقفة عند المدخل الرئيسي للقرية وطلب من السائقين الابتعاد عن منطقة الاحتكاك اثر بروز اعداد من الملثمين الذين راحوا يقذفون دوريات الشرطة بزجاجات الملتوف الحارقة التي ما تكاد تسقط على الأرض حتى تشتعل عند اقدام الشرطة الذين بدأوا بإطلاق قنابل المسيل للدموع».
وتعطلت زهرة في سيارتها مخنوقة بالمسيل للدموع.. ولم تستطع ان تصل إلى حمد.. أي جريمة يرتكبها الطائفيون واذنابهم ومرتزقتهم الذين يعطلون مجرى عذب الحياة بين عاشقين بارك الله بمحبته عشقهما!!.

وفي الاثر: «العشق بركة الله بين الناس».

 

 

 




from WordPress دار لوتس للنشر
via IFTTT

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!