بحريني في دبي


بحريني في دبي

الربيع سيحل بعد الشتاء والازهار ستكون في ذروة رونقها والأطفال سيحتفلون بفرح عطلة الربيع التي تعني لهم استراحة (بريك) بعد أشهر من الدراسة وقعدت الصباح الثقيلة، ومع الربيع سيتضاعف عدد الخيام بالمخيمين وعائلاتهم و هكذا ستكون الدنيا بخير وجمال وحيوية، ولكن هل ستكون البحرين مثلما كانت من قبل؟ النفوس صافية والأعمال ميسرة والاجيال متفاهمة.. هل ستكون هذه الحياة مع مطلع الربيع بهذه الصورة أم ان هناك من يحشد ويهيئ الاجواء لمزيد من الخطط والمشاريع والافكار المتطرفة التي ستحول ربيع البحرين الى فوضى.
من يزور دبي هذه الأيام ويتجول في أنحاءها لن يصدق انه في دولة عربية أو إمارة خليجية ، فهي قطعة من عالم يموج بالأحلام تذكرك بنيويورك وباريس ولندن وربما أفضل من حيث سرعة الخدمات وكثرة المتواجدين من الاجانب والزوار والسياح الذين استغنى بعضهم عن زيارة المدن والعواصم العالمية وجاء الى دبي حيث الدفء والحياة الآمنة والسياحة بمختلف ألوانها والانفتاح الذي لا حدود له مع توفر كافة الخدمات التي يطلبها السائح وطبعاً كل الخدمات متاحة لكل الاذواق والمشارب، فالفنادق متوفرة كما ليست في أي مكان في العالم والاتصالات والبنية التحتية والابتسامات التي تواجهك منذ دخولك المجال الجوي للإمارة حتى خروجك منه كل هذا ولا من معترض او مشاغب او محتج او منتقد، فالنظام ينساب بسلاسة لا تجدها حتى في لندن ونيويورك.
ماذا يختلف واقع دبي عن واقع البحرين ؟
كل الدراسات والمؤشرات وكل المظاهر تقول ان البحرين لها نفس الوجه لدبي.. البحرين قامت عل نفس القواعد للانفتاح والحرية والخدمات بل وكانت نموذجاً اقتدت به دبي في مرحلة ما مرت ولكن هناك شيء آخر يفرق بيننا وبينهم وللأسف الشديد تزايد وتضاعف خلال السنوات العشر الماضية وهو الأمن والاستقرار والعقلية الحضارية المنفتحة التي لا تشبه عقلية بعض رجال الدين عندنا وبعض نواب البرلمان بالإضافة الى وجود السياسة التي خربت حياتنا من فوق الى تحت، هذه السياسية التي تورط فيها التجار والمثقفين ورجال المال والاعمال، هل رأيتم بذمتكم رجال مال وأعمال يغرقون في مستنقع السياسة سوى في البحرين؟ هل رأيتم مثقفين يهجرون الابداع وينزلقون في المستنقع السياسي؟ هذا هي مشكلتنا اليوم في البحرين ، لا رجال المال والاعمال مثلما كان آبائهم وأجدادهم ممن صنعوا واسهموا في صناعة تاريخ البحرين الحضاري، ولا رجال العلم والثقافة تفرغوا للابداع والانتاج.. وحتى الموطنين العاديين الذين كانوا في الماضي مشغولين بتطوير قدراتهم وتوظيف خبراتهم للعمل هم مثلما كانوا عليه من قبل.. لقد اصبحت البحرين حقل سياسي للتجارب مثل لبنان ترتع فيه امريكا وايران والعراق وتعبث به كل التيارات والدولة تتفرج على هذا الانزلاق مضحية بكل المنجزات والمكاسب التي تحققت على مدى نصف قرن من الزمان.
في دبي لا يجرأ رجل دين على ترك مهامه الدينية في المسجد والتدخل في توجيه اقتصاد وسياحة وانفتاح الدولة ، ولا يجرأ خطيب جمعة على تشويه الحضارة والانفتاح والخدمات والتي تقدمها الدولة للقطاع السياحي ، وقد انشئت هناك فنادق خيالية تنتمي الى عالم الف ليلة وليلة من دون ان نسمع صوت واحد يعترض بينما لو فكر مستثمر هنا بفتح مجمع تجاري في المحرق كما حدث لقامت قيامة اخواننا رجال الدين ومعهم أيضاً بعض المواطنين بالاعتراض على هذا المجمع بحجة مخالفته للشريعة الاسلامية .
من يزور فندق اطلنتس أو فندق أرماني ببرج خليفة سيرى ما لم تر عينيه من قبل، في الوقت الذي رأينا منذ ايام فقط احد نواب البرلمان عندنا لا يترك مناسبة الا ورفع العرائض واطلق التصريحات التي تستهدف السياحة وبدلاً من جعل أجمل منطقة في البحرين ملتقي سياحي واقتصادي، نرى هؤلاء النواب لا يتوقفون تحويل المنطقة الى أرض تنعب فيها الغربان، يا نواب التفتوا الى البحرين والى مستقبل البحرين وانظروا الى أين أوصلنا المخربون من جهة والمتشددون امثالكم من جهة اخرى.
لا تستغربوا بعد ذلك أن اعجبنا بدبي، فحتى اليوم لم أسمع في البحرين تاجر واحد او رجل أعمال واحد حاول تغيير الصورة بالعمل لا بالكلام.


Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!