نهاية حزب البعث في البحرين


 نهاية حزب البعث في البحرين

احمد جمعة

قبل أكثر خمس وثلاثين سنة تقريباً حضرنا مؤتمراً في بغداد أنا وعدد من الأخوة والاصدقاء منهم المحامي جاسم المطوع والذي كان على جانبي اثناء استقبال نائب الرئيس حينها صدام حسين بقصر السلام خلال دعوة العشاء على شرف مؤتمر دعم العراق ضد الاعتداءات الايرانية وخلال ذلك الجو المشحون بالتعاطف مع العراق التفت إلى احد المدعوين من بعثيي البحرين وسألني .. الست أنت المعروف عنك بالتحفظ  مع حزب البعث؟ فأجبته حينها بأنني ما زلت على موقفي حتى لو طردني صدام من هذا المكان، لكن ما احضرني الى بغداد هو دعم العراق في حربه مع ايران فمن غير المعقول ولا من غير الحكمة ولا العروبة ولا القومية ولا حتى النظرة الانسانية والحضارية ان اقف متفرج في هذه الحرب، فمهما  كان الطرف الذي بدأ الحرب فان موقفي ينبع من التالي:
 أولاً العراق دولة عربية وخليجية شقيقة وثانياً هي دولة ليبرالية علمانية تقف في وجه دولة كهنوتية وثالثاً وهذا الأهم بأن وقوف العراق في وجه الأطماع الايرانية هو المحك الحقيقي لهذا الموقف إذ ان ايران تنظر الى الخليج العربي على انه ميدانها الذي تسعى الى تحويله الى خليج فارسي بامتياز ومن هنا كان العرب جميعهم مع العراق في حربه مع ايران واذكر ان هذا الموقف حينها اتخذه اليساريون على مختلف انتماءاتهم والدليل وجود المرحوم عبد الرحمن النعيمي رحمة الله عليه في تلك المناسبات بالرغم من خلافاتهم مع حزب البعث والسبب ان المبادئ العروبية والقومية والأممية المتعلقة بالليبرالية والعلمانية هي التي تحدد الوجهة السياسية والموقف، فايران يومها وكما هي الآن مع تصدير الثورة وأي ثورة؟ الدينية اللاهوتية التي يتربع على سدتها رجال دين يحكمون بقوانين العصور الوسطى فهل  من العقل دعم مثل هذا التوجه؟
مناسبة هذا الحديث اليوم ما يحدث على الساحة البحرينية عندنا واتعجب منه حينما أرى أعداء الأمس اصدقاء اليوم، واقصد بذلك التقاء البعث مع توجهات الدولة الفارسية الدينية؟ كيف  يحصل ذلك؟ وأين دم صدام حسين ؟ وأين موقف البعث في البحرين؟ من الحرب العراقية الايرانية؟ وأين ذهبت المبادئ البعثية  القائمة على العروبة والقومية ؟ كيف نفسر موقف بعثي الأمس وهم مازالوا بعثي اليوم كيف نسوق سلعتهم هذه وفي أي خانة نضع هذا الموقف.
أعود للحديث عن الماضي لأن فيه عبرة للحاضر، عندما كنا شباباً متخذين مواقف يسارية والتحقنا بمنظمات وجبهات سرية عملنا من منطلق وطني ومن عقيدة سياسية وليست لاهوتية ورغم ان بعضنا كان مأخوذاً بالجناح السوفيتي والبعض غارق في الجناح الماوي بل وكان فينا من يلتحف بالغطاء الستاليني غير ان كل هذه الأفكار والايدولوجيات لم تذهب الى حد الغاء هوية الوطن أو المزايدة على علم البحرين، لم نفكر حتى بمجرد تغيير علم البحرين كما فعلت الوفاق اليوم، كانا ننظر للمسألة حينها على أنها فلسفة ثورية تهدف الى تحقيق العدالة المتمثلة يومها في الاشتراكية ورغم الاختلاف اليوم في تفسير المواقف حينذاك ورغم التغييرات الكونية الهائلة وتحول الاتحاد السوفيتي الى دولة رأسمالية وهو الذي كان قلعة الشيوعية فان العقل وحده يحكم الانسان والعقل وحده يقول ان الانسان العلماني والليبرالي لا يمكن ان يتحالف مع الديني اللاهوتي وبالذات اذا تعلق الأمر بالوطن وهويته.
اكتفي من ذلك بسؤال أوجهه الى كل بعثي في العالم العربي ...
هل تؤمن بالحاق البحرين الى ايران؟؟
هل تساوم على عروبة البحرين مقابل الالتحاق بولاية الفقيه؟
على البعثيين البحرينيين اليوم وخاصة كهلتهم! الذين  كانوا بالأمس القريب فقط يحتفلون بذكرى صدام حسين الرئيس القائد المناضل ان يجيبوا على هذا السؤال..
هل برد الدم في عروقكم وشرايينكم وانتم تتحالفون مع من حارب صدام ويحارب البحرين اليوم؟
هل وقوفكم على مساحة واحدة ورفع قبضتكم وشبكها بقبضة دعاة ولاية الفقيه هو نهاية تاريخ بعثكم؟ هل هذه هي نهاية تاريخ البعث في البحرين؟
يا خسارة فيكم.. حزب البعث.
     


Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!