حريق منزل عراد - ليلة لا تنسى

حريق منزل عراد - ليلة لا تنسى 

ليلة ينسى فيها الانسان أنانيته، ليلة تستيقظ قبل ساعات الفجر والآذن على بكاء وعويل وصراخ منزل جارك الملاصق لك وهم يستغيثون وكأنها نهاية العالم، ليلة تطل ابنتك من نافذتها المستيقظة تلك اللحظة على صراخ الفزع لتشاهد الدخان وألسنة اللهب تتصاعد من أرجاء المنزل والأب وابنيه يحومان حول المنزل وقد تملكتهما الهستيريا وهما يعرفان أن ثمة هناك من هو بداخل المنزل من الأبناء والأطفال ولا يستطيعون فعل شيء؟، تهرع أنت وابنتك وابنك بملابس النوم وبعض من جيرانك نحو للشارع بواجهة المنزل الذي تستعر فيه النيران وتجد نفسك مكتف مشلول والنيران تحاصر كافة المداخل وهناك من يسغيث من داخل المنزل، وأنت حائر باستثناء الاتصالات بالإسعاف والدفاع المدني، هذا الوصف ربما لا يشكل ذرة من واقع اللحظة التي يجري فيها كل شيء بسرعة وتدرك بان كل ثانية هي محسوبه من عمر من هم بداخل المنزل، خوف رعب فزع هستيريا خاصة بوجود سيارات افراد الاسرة بداخل الكراج والنيران تحاصرها وتنتظر في أي لحظة تنفجر وتنتشر النيران في المنازل المجاورة فتتضاعف الكارثة، تقف حائر متردد تقترب من النيران، وتبتعد تتصل تصرخ تنادي، ولكن لابد من فعل شيء، لابد من معجزة تنقذ من تنقذ وحتى لو كلف الأمر حياة الانسان، كان هناك من يتهدد باقتحام المنزل وخاصة أبناء صاحب المنزل وكان هناك من يستخدم كافة قوته لمنعهما، هذا المشهد ليس من فيلم ولا من رواية ولا من نشرة أخبار ولكنه حدث آني يجري في منزل جارك.
ثواني وتشاهد الأم تلقي بنفسها للخارج ولن أصف الوضع، ثواني ويتم انقاذ طفلة عبر السطح، ثواني وتسمع بل وتشاهد احتراق ووفاة شابة رحمها الله كانت صديقة منذ الطفولة لأبنتك التي القت بنفسها على الأم التي ملأتها الحروق والكسور محاولة التهدئة والمساعدة بمقدار ما رأيت من الشجاعة والهزيمة في فتاة كانت تخشى من القطط، ومن ظلها، قوة لا تعرف من أين استخرجتها تلك اللحظة تتحرك بهستيريا متجاوزة فزعها ورعبها كل شيء يجري بسرعة الضوء وجنون النار التي لا شيء يبطئها ويحد منها حتى دقيقة وصول الشرطة ثم الدفاع المدني والإسعاف، وللحقيقة وصولوا في وقت قياسي وبدأت مكافحة النيران لينتهي المشهد على شابة شهيدة في عمر الربيع وأم بالمستشفي تعاني من الحروق والكسور وأب وأبناء لا حول لهم ولا قوة سوى إرادة الله ولطفه.
دقائق تتحول فيها حياة اأسرة سعيدة مستقرة مطمئنة إلى النقطة الأولى، لا منزل لا حياة لا أوراق ولا شيء بالمطلق.كما ذكرت في البداية، ليلة لا ينسى فيها الانسان ما رأى ولن ينسى ما دام حي يرزق.

تداعيات اللحظة تلك رؤية بعض الجيران ينسون مذهبهم وطائفتهم وتناقضاتهم وينخرطون في دوامة الفزع والذعر يساعدون بكل ما يملكون، وبذات اللحظة ترى بعض الجيران كأن ما يجري هو فيلم سينمائي يتفرجون بلا مبالاة، وجيران يسيرون أمام المنزل وأمام هذا المشهد ليلحقوا بصلاة الفجر من دون أن يعني لهم ذلك شيئاً، أنهم البشر وطبيعتهم وتركيبتهم ومشاعرهم، لا يمكن أن يتشابهون، بل ما لفت نظري تلك اللحظات الهستيرية التي انتشر فيها الدخان والنيران والموت هو بعض الأفراد عادوا من صلاة الفجر يستفسرون عما جرى!! تذكرت أن الخير لا دين له، الخير من سلوك البشرية بصرف النظر عن مذهبهم وعن دينهم وعن تناقضاتهم.

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!