حتى لا نكره حريتنا




 حتى لا نكره حريتنا
احمد جمعة

من الغريب جداً أن تسمع الذين يطالبون بالحرية بدأوا يكرهونها، لو كان نيلسون مانديلا أو غارسيا ماركيز أو عبدالر حمن الكوكبي يعلمون بما ستؤل إليه الحرية على يدي حزب الله وداعش والحوثيين لاعتذروا لها.
البحرين في قلب الآخرين .. خارج البحرين ، والخوف على البحرين من  اخواننا الخليجيين والعرب أكثر للأسف من خوف بعض البحرينيين على بلدهم ، هذا بالضبط ما شعرت به وما لمسته مؤخراً و انا أشارك مؤخرا في ملتقى اعلامي كبير بدولة الامارات العربية المتحدة يحضره وفود من كافة الدول الخليجية والعربية وما لفت انتباهي ولفت نظري ساعتها ان اغلب من التقيتهم هناك من خليجيين وعرب كانوا يبدؤون الحديث معي بالسؤال عن البحرين وعما يجري هنا وبعضهم كان يحدد سؤاله بوضوح حينما يتبعه بالقول هل هذه الديمقراطية التي نناضل من اجلها وهل هذا البرلمان المنتخب الذي نتمناه؟ بعض الأخوة خاصة الخليجيين كانوا يرددون بقناعة ان كانت هذه الديمقراطية فلا نريدها وان كانت الحرائق والتخريب وترويع المواطنين ومصادرة الحريات الخاصة على أيدي من انتخبهم الشعب واغلاق الفنادق والتعتيم على الفرح وملاحقة كل اشكال الانفتاح والدعوة للعزلة ، ان كانت هذه ثمرة الديمقراطية فبلاش قالها احد المواطنين الخليجيين ممن كان في يوم من الايام من دعاة الديمقراطية المطلقة.                                           
ذكرني هذا الموقف بالقول المأثور قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر ، تماما هذا ما شعرت به من خلال تناوب الأخوة الخليجيين والعرب ممن التقيتهم هناك في القلق والسؤال عما يجري في البحرين ، لقد لمست الخوف القلق في  عيونهم وهم يسمعون الشائعات وما يتردد عن اغلاق الفنادق ووقف الخدمات بالتزامن مع حرق الاطارات وسد الشوارع  ومنع المواطنين من الوصول الى المستشفيات بالإضافة الى ما أشاعه بعض النواب ان لم يكن جميعهم من خوف وقلق بشان حضارة البحرين المتمثلة في تاريخها العريق في التسامح والانفتاح وهو الأمر الذي رأيت قلق الأخوة هناك عليه أكثر مما رأيته لدي بعض البحرينيين انفسهم ممن لا تعني لهم خسارة البحرين مركزها المالي والاقتصادي والحضاري شيئاً.                  
هذا مؤشر على ان البحرين ما زالت وستبقى في قلوب اخواننا أبناء مجلس  التعاون وفي قلوب كل العرب ومحل اهتمام كل العالم ممن يتابعون تطور ونهوض هذه الدولة الصغيرة التي تمكنت بفضل تاريخها العريق ومنجزاتها ومكاسب شعبها التي تحققت عبر أجيال وعقود، هذا الاهتمام من الجميع خارج البحرين بما يجري في البحرين لهو أمر يدعونا الى تأمل ما يجري حقيقة هنا من قبل بعض ممن يسهمون للأسف الشديد سواء عن عمد او بدون قصد في الحط من شأن هذا البلد ومن سمعته ومكانته عبر ما يكتب في الصحف من تشويه ومبالغة وعبر ما يقوم به نوابنا وأعضاء مجالسنا البلدية من تصريحات ومساومات ومناورات على حساب تاريخ وحضارة هذا البلد بالإضافة طبعا الى الحرق والتدمير لممتلكات وترويع المواطنين كل ذلك يدفعنا للسؤال مثلما واجهنا اخواننا في الخارج بنفس السؤال:                
هل هذه هي الديمقراطية؟                                                                
قالها احدهم بصوت واضح وحاسم وهو من دولة الامارت العربية المتحدة وتحديدا من دبي : لا نريدها على هذه الصورة  ولنبقى في جنتنا الحالية.                     
ليس العيب في الديمقراطية ولا العيب في الوطن الذي فتح  ذراعيه وحضنه لكل من ادعي البحث عن  الحرية فجاءت الحرية وجاءت معها موجات من يصادر الحرية، فقد طلبنا الحرية للوطن ولنا جميعا فجاء من صادر الحريات باسم الدين والأخلاق والحقوق  حتى بات تخريب الوطن شعار كل من كان يطلب الحرية والبركة في نواب الشعب الذين جعلونا نكره الحرية !                                               

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!