من حزب توده الى عيسى قاسم ..

من حزب توده الى عيسى قاسم ..

احمد جمعة

اثبتت الأحداث والتجارب انك اذا ما استجبت لكل طلبات خصمك فانتظر مزيد من الطلبات وقد تأكدت هذه ِالنظرية في البحرين على مدى السنوات العشر الماضية التي ولد فيها المشروع الوطني، فمنذ اليوم الاول لإطلاق هذا المشروع ارتفع سقف الطلبات عام بعد عام ودورة بعد اخرى وبين مناسبة واخرى لدرجة انه لم يمر على الدستور المقر والمتوافق عليه اثر استفتاء عام على ميثاق العمل الوطني اربع سنوات حتى تفتق عقل ما يسمى بالمعارضة عن المطالبة بتغيير الدستور، فهل رأيتم في العالم بأسره دستور تعرض للمطالبة بتغييره كما هو الحال في البحرين وان دل ذلك على شيء فانما يدل على عقل ما يسمى بالمعارضة وهي تفكر بآلية الفاقد للأهلية أو المؤهل للمعارضة، وهنا اسمحوا لي ان أوضح لماذا استخدم في كتاباتي دائماً عبارة ما يسمى بالمعارضة ولا اقول المعارضة.

لأن المعارضة في أي مكان من العالم لها شروط وقواعد وأنا ارى ان ما يجري عندنا في البحرين منذ المشروع الوطني وحتى اللحظة لا تنطبق عليه هذه القواعد التي تسمي نفسها بالمعارضة واليكم الاسباب والحيثيات.

المعارضة لها برنامج قائم على كتلة من الافكار لتشكل نظاماً متكاملاً من التصورات السياسية والاقتصادية والتعليمية والاسكانية وتشمل كافة القطاعات والمجالات تتقدم به عادة كبرنامج كامل مضاد لبرنامج الحكومة وعلى اساسه تروج له وتعمل على تسويقه عبر القنوات التشريعية والشرعية وهذا لا يوجد بالمطلق في حال البحرين.

المعارضة في اي مكان في العالم تكون وطنية وذات انتماء وطني وولاء كامل لتراب الوطن ولراية البلاد ولكل مكونات المجتمع وتقف مع الدولة والقيادة سداً منيعاً في وجه أي اعتداءات او تحرشات أو اخطار خارجية ولكم في تجارب بريطانيا في حرب الفوكلاند مع الارجنتين وفي حالة أمريكا في حالة احداث 11سبتمبر وغيرها من التجارب فهل ما تسمى بالمعارضة عندنا هكذا، صورة ما تسمى بالمعارضة هنا مشوهة مزورة  يكفى انها لا تنفك ليل نهار تنطلق حناجرها من القنوات الايرانية ومن قنوات حزب الله اللبناني، ما تسمى بالمعارضة هنا هي نموذج للخيانة ولعدم الانتماء والسقوط في مستنقع الأجنبي سواء كان أمريكياً او ايرانيا، ما تسمى بالمعارضة هنا تذهب الى قنوات مثل العالم والمنار وغيرها وأما ذيولها مما يسمى بالمعارضة الليبرالية من قوميين وبعثيين ويساريين فانهم ذيل للأولى وبالتالي تستغرب ان تجد كتلة بعثية قومية شوهت نضال البعث بالتحالف مع التيار اللاهوتي الايراني متناسية  تاريخ ميشل عفلق واكرم الحوراني ومطاع صفدي وصلاح البيطار وصدام حسين الذي تباكوا عليه واليوم عادوا ووضعوا يدهم مع اعدائه، أين تاريخ البعث الليبرالي العلماني من ولاية الفقيه اليوم؟

وعودة الى المنبر التقدمي الذي يمثل الامتداد لجبهة التحرير فأسألهم: عندما تنخرطوا اليوم في المخطط الايراني هل نسيتم حزب توده الحزب الشيوعي الايراني الذي دفنته الثورة الايرانية وحرسها الثوري بعدما  تحالف معها في اسقاط الشاه؟ هل تذكرون علي مدان وعزيز ما شاء الله وغيرهم ؟ هل هذا هو ختام التاريخ النضالي للشيوعيين في البحرين؟ ماذا تبقى منه بعدما تمرغ في جمهورية الدوار الوهمية؟ وما هو اثر ماركس وانجلز ولينين وحتى ستالين لأن فيكم بعض من هو معجب بستالين.. ما أثر هؤلاء على توجهكم نحو اعتناق ايدولوجية ولاية الفقيه بدلاً عن الديالكتيك الذي اشك في ان اغلبكم اليوم يفقهه.

أما وعد التي انتحلت اسم الجبهة الشعبية فاذكرهم باسم واحد فقط بعدما رأيت منهم ما رأيت وهو الشهيد محمد بونفور الذي أتمنى إزالة صوره من مقرهم ومن أدبياتهم لأن الذي يعرف محمد بونفور لا يذهب الى دار ولاية الفقيه ويستجدى فتات الوفاق، فعندما تقف الجبهة الشعبية (بونفور– النعيمي) عليهما الرحمة عند باب عيسى قاسم فهل يطلق على هذه معارضة ؟

لهذه الأسباب لاحظ القارئ منذ ان أخذت بالكتابة بعد محنة البحرين الأخيرة عبارة ما يسمى بالمعارضة وسوف أظل أطلق عليها هذا الاسم حتى تفك علاقاتها المشبوهة بالخارج.

هذه المعارضة سمعت عنها وبكل دقة وإخلاص من رجل طاعن في السن قضى عمره يناضل ضد كل الأوضاع وضد كل الأزمان وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً يقول: عارضت طوال عمر حياتي غير انه لا يشرفني ان أبقى ساعة واحدة بعد الآن فيما يسمى بالمعارضة.

وانا أسال أعضاء هذه الجمعيات ممن ينتمون للبحرين العربية القومية المدنية التي احتضنت كل الأديان والطوائف والتيارات، هل في وسعكم الاستمرار في جمعيات تسمى بالمعارضة تبيع نفسها للشيطان فقط لتمنح صك المعارضة؟