مرشدوا البعث والقومية والشيوعية في البحرين



مرشدوا البعث والقومية والشيوعية في البحرين

احمد جمعة

استغرب من البعثيين والقوميين والشيوعيين في البحرين، فهؤلاء الذين تنهض عقيدتهم بالنسبة للبعثيين والقوميين على العروبة والقومية العربية والوحدة العربية وشعارها أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة هؤلاء بلا مقدمات ولا مبررات منطقية ولا حتى إشارات عقلانية انصاعوا دفعة واحدة لفتاوي ولاية الفقيه وسقطوا في حضن دعاة اللاهوتية، وهم الذين قال عنهم صدام حسين قبل سنوات أسود الأمة العربية وحصن البوابة الشرقية للعروبة وحماة الخليج العربي من الهجمة الفارسية هؤلاء البعثيين أحفاد ساطع الحصري وميشل عفلق وصلاح البيطار اليوم يرتمون في حضن عيسى قاسم وعلى سلمان ويتبارون على الفوز برضي الولي الفقيه في طهران وهم الذين نظروا منذ سنوات للحرب المقدسة التي قادها صدام حسين ضد الفرس أصحاب المطامع التاريخية في الخليج العربي، هل بردت دماء صدام في عروقهم؟ وهل نسوا تعاليم ميشل عفلق وساطع الحصري حول الولاء للعروبة؟ ومن هذا المنطلق أقف اليوم ليس مستغرباً فحسب من موقف البعثيين والقوميين العروبيين من عروبة بلدهم والانضواء تحت جناح طابور خامس يدفع الى الوقوع في حضن ايران وإلا بماذا تفسرون موقف جمعية وعد القومية وجمعية التجمع القومي البعثية في تحالفهما غير المقدس مع الوفاق؟
هذا فيما يتعلق بالبعث والقومية، أما بشأن الشيوعيين فأن أمرهم غاية في التعقيد والمفارقة، فالشيوعية هي عدوة الأديان وشعارهم الدين أفيون الشعوب وهي مقولة الجد الأكبر كارل ماركس، فكيف أتفق أن يقوم الشيوعيون المنحدرون من جبهة التحرير البحرينية والمتحولة إلى جمعية المنبر التقدمي بعد صفقة في الدوار مع الولي الفقيه؟ وكيف اتفقوا طوال هذه السنوات العشر الماضيات بالتحالف مع حزب الله الممثل في جمعية الوفاق؟ وكيف سار الشيوعيون مع تيار عيسى قاسم من خلال العمل المشترك مع الوفاق التي تنتمي تاريخياً الى حزب الدعوة الديني؟ كل هذا أشبه بالطوفان الخيالي، فإذا كانت الشيوعية التي ولدت من البيان الشيوعي قبل أكثر من قرن ونصف هي نقيض للدين ونقيض للاهوت وتؤمن بالمادية التاريخية وآليتها الديالكتيك فكيف يستقيم موقف أحفاد كاركس ولينين مع أحداث البحرين الطائفية؟ أليس في ذلك انحداراً فكرياً وموتاً سريرياً للشيوعية البحرينية؟ لقد كنت طوال عمري أحترم وأقدر للشيوعيين فكرهم وموقفهم وتاريخهم الطويل في النضال الأممي واليوم من خلال موقف الشيوعيين في البحرين وانتكاستهم وردتهم اللاهوتية أستطيع القول أنهم لم يتركوا للشيوعية شيء حتى في الاسم ولو جازت الرحمة على كارل ماركس ولينين لقلت رحمهما الله.
ان موقف الجمعيات البعثية والقومية والشيوعية في البحرين ليس بحاجة لدراسة، بل بحاجة الى تحليل سيكولوجي ومثيولوجي لفهم هذه الظاهرة التي لا علاقة لها لا بالسياسة ولا بالعقل ولا بالوعي وهي ظاهرة بحرينية غريبة مريبة تستدعي الوقوف عندها وتحليلها واستنباط النتائج الدالة على حالة من حالات الغيبوبة وانسداد الشرايين الفكرية المؤدية بلا شك في النهاية إلى الوفاة بالسكتة الدماغية.
ليس وبيني وبين الأخوة في الجمعيات المذكورة أي موقف عدائي ولا موقف مسبق ولا مصلحة مضادة فقد كنت قبل سنوات على علاقة بالكثير منهم وجمعتنا مؤتمرات ومواقف ولكن مع مرور الوقت بدا موقفهم يتعرى وينكشف من المسألة الوطنية وأخذت التناقضات تضرب حراكهم السياسي وبلغت ذروة انتكاستهم موقفهم غير الوطني بوقوفهم مع محاولة الانقلاب التي قادها الولي الفقيه وهذا منتهى الخيانة ليس فقط للوطن وللشعب بل وللمبادئ التي تدين بها جمعياتهم، فهل يصدق أو يقبل ميشل عفلق أو صدام حسين أن يقف حزب قومي بحريني مع ايران والولي الفقيه؟ وايران التي خاضت حرب ضد العراق لثمان سنوات هل يقبل قادة البعث فيها حتى الساعة موقف حزب بعثي قومي بحريني هذا السلوك؟ وهل يقبل القوميون والناصريون منذ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وحتى يوم القيامة ان يروا من يدعي الايمان بالعروبة والقومية ان يتحالف القوميون مع الحرس الثوري الايراني؟ هل يدخل العقل هذا التصور؟
اذن ما هو تحليل هذه المسألة؟
في رأي وظني المتواضع أن هناك من اختطف هذه الجمعيات من أصحابها الحقيقيون ومن سرقها من مبادئها الأصلية لصالح الولي الفقيه وما عليكم للتأكد من ذلك الا العودة للوراء ومعرفة رؤساء هذه الجمعيات السابقون ومقارنتهم بالاحقون للخروج بنتيجة مفادها ان الجمعيات المذكورة قد خُطفت لصالح ولاية الفقيه.

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!