من العيب أن تكون هذه الجزيرة الرائدة على مستوى الخليج العربي منذ عقود طويلة بمثل هذه النقائص اليوم
نقطة أول السطر
الخير موجود ولكن السلبيات تشوهه.
احمد جمعة
البلاد
الخير في البحرين موجود وكافة السلع
متوفرة من أغذية ولحوم وأدوية وأجهزة وملابس وهي تنافس السلع في الدول المصدرة
نفسها وبأسعار تنافسية، وعدد المجمعات وعدد المخازن التجارية في البلاد يفوق حجم البلاد
الجغرافي وهذه نعمة لا تتوفر حتى في الدول الغنية ولاشك أن ذلك مدعاة للفخر
والاعتزاز بما وفرته الدولة من إمكانيات ينعم بها العباد وتلك علامة على الأمن
والاستقرار والحمدلله، ولكن تبقى هناك نقطة سوداء واحدة لا تقلل من هذه النعمة وهي
قدرة وزارة التجارة على ضبط وإمساك التلاعب بأسعار السلع وخاصة في البرادات
الكبيرة والسوبرماركات والوكالات التجارية، والتي يبدو أن الرقابة عليها ضعيفة وخاصة في المناسبات التي يتم استغلالها
بدافع الجشع والربح السريع وهذا طبعاً لا يقلل من نشاط وزير التجارة ودوره في
متابعة السوق وتعدد جولاته ولكن ذكاء الجشعين أحياناً يفوق قدرة الوزارة وكادرها
على متابعة وملاحقة التلاعب بالأسعار وخاصة تلك البضائع غير المدعومة من قبل
الحكومة وهنا تكمن المشكلة في كيفية ملاحقة تلك المحلات واصطيادها.
هناك على سبيل المثال أسعار الأدوية
التي انخفضت مؤخراً بقدر كبير ولقيت ارتياح لدى المواطنين ولكن بالمقابل اختفت
اغلب الأدوية المهمة والضرورية والتي تكاد تستخدم طوال السنة مثل أدوية الضغط
والسكر وغيرها وكأن هناك محاولة منظمة من قبل الصيدليات المستوردة لهذه الأدوية بالإحجام
عن استيرادها كعقاب على تخفيض أسعارها، لقد كانت تلك الأدوية متوفرة في السوق ولم
تنقطع على مدى عقود طويلة فماذا حدث بعد تخفيض أسعارها إجبارياً اثر التنسيق مع
دول مجلس التعاون حتى تختفي الكثير من تلك الأدوية ولدى أسمائها وهي متوفرة في دول
المنطقة المجاورة ويقوم المواطنين بجلها من هناك بنفس الأسعار وبعضها بأقل، وهذا يستدعي
تحرك الوزارة المسئولة سواء الصحة أو التجارة للتحقيق في هذا الأمر لأنه لا يعقل أن تكون البحرين الدولة الأكثر
انفتاحا على الصعيد التجاري والاقتصادي لا تتوفر فيها الأدوية.
وما ينطبق على التلاعب في موضوع
الأدوية يظهر كذلك في تلاعب الوكالات التجارية المسئولة عن توفير قطع غيار الأجهزة
الحديثة والتي برزت ظاهرة اختفاء قطع
الغيار مما يجبر المستهلك على استبدال السلع كاملة وكأن هناك تعمد من الوكيل على
عدم توفير قطع الغيار ليدفع بالمستهلك استبدال جهازه بجهاز جديد وفي ذلك محاولة
استغلال واضحة، هل تصدق أن هذه الأجهزة التي يعتذر الوكيل هنا عن توفير قطع التبدل
لها يتم توفيرها في دبي لذات الأجهزة وللماركات نفسها وقد حدث لكثير من المواطنين
أن قاموا بتصليح أجهزتهم كالهواتف في دولة الإمارات وكأن البحرين تنقصها الخبرة
والإمكانية في هذا المجال، إلا أن تساهل وزارة التجارة مع الوكلاء وعدم متابعتها
لمثل هذه الظواهر ترك تلك الثغرة تتسع يوم بعد يوم.
أرجو من الأخ الوزير حسن فخرو ألا
يزعل من هذه الملاحظات والانطباعات عن السوق فذلك لا يقلل من جهده وجهد وزارته
ولكن لابد من تكثيف المتابعة والرصد بوسائل أكثر حداثة ومن خلال أجهزة متقدمة كحال
الدول المتقدمة وألا نعتمد على دور بضعة مفتشين للبعض منهم مشاكله الخاصة ومزاجه،
فسوق كبير كسوق البحرين الذي توسع في السنوات الأخيرة ويرتاده يومياً الآلاف من
المواطنين والمقيمين والسياح العرب والأجانب يجب أن يواكب هذا التطور وأن يأخذ في
الاعتبار سمعة البحرين من حيث تاريخها التجاري والاقتصادي وأن يكون عنواناً
لتطورها الحضاري فمن العيب أن تكون هذه الجزيرة الرائدة على مستوى الخليج العربي
منذ عقود طويلة بمثل هذه النقائص اليوم، لا يعيب أن نعترف بضعف أدواتنا ولا يعيب
أن نعالج تلك الظواهر السلبية بل ما يعيب هو ألا نعترف بتلك السلبيات وننكرها
وتمضى الأخطاء تكبر وتتدرج ويعجز بعد ذلك معالجتها.
Comments
Post a Comment