لماذا تتورط الدول الصغيرة في المستنقع الأمريكي؟


نقطة أو ل السطر
لماذا تتورط الدول الصغيرة في المستنقع الأمريكي؟
احمد جمعة
الاربعاء – جريدة البلاد

لفت انتباهي وانتباه المراقبين الشكر والتقدير الخاصين من قبل الرئيس الأمريكي أوباما وهو يخص بهذا الشكر دولة عربية خليجية ساعدت على إتمام الصفقة الأمريكية الطالبانية، والتي بمقتضاها تم إطلاق سراح جندي أمريكي أسر منذ خمس سنوات لدى طالبان مقابل خمسة من أعتى قادة طالبان في سجن غوانتينامو وكلهم من مساعدي ومن دائرة بن لادن والظواهري.   .
السؤال، ما هي العلاقة بين الأطراف الثلاثة التي لا يجمعها في الظاهر علاقة ولا تربط بينها صلة وتمثل من حيث الشكل تناقضا فاضحا لتتوصل هذه الأطراف إلى صفقة حتى الأمريكان أنفسهم استنكروها على أنفسهم، باستثناء إدارة أوباما التي ورطت فيها دولة خليجية صغيرة، وكأن بالمشهد يشبه وضع سمكة صغيرة بين فكي سمك قرش مهول.
من يجلب الخراب للمنطقة الخليجية الآمنة الهادئة؟ من يدخل طالبان في دائرة الصراع بالمنطقة؟ ما دخل الدول الصغيرة التي لا تمثل سوى ريشة في مهب الريح بالنسبة لدول العالم الهائلة؟ ما لنا ومال الأمريكان وطالبان بل الإسهام في الإفراج عن قادتهم من سجون أمريكا فيما وراء البحار؟
الذي استوقفني أن الدولة التي كانت ترعى ثورات الدم وتساند الخارجين على القانون وتساهم في تمويل ربيع الدم الذي فشل وسقط في ليبيا وتونس واستعادت مصر السيسي مكانتها بعد أن كادت تسقط مع الآخرين بعد ذلك نرى المشاريع الغريبة من أمثال تلك الصفقة الطالبانية الأمريكية الخليجية!!! تفقد حتى الأمريكان أنفسهم توازنهم ويتساءلون ماذا يفعل أوباما بالعالم؟                                      
ماذا بقي من دم وثورات وربيع دموي؟ هل توقف الدم وتنتهي اللعبة؟ فمنذ اليوم الأول في العام 2011 ولدت الدقائق والساعات والأيام ملطخة بالدم، فالرصاص والأجساد والأعياد كلها مرت والدنيا العربية غارقة في الدم والاسم الكريم! لهذا العام هو ربيع العرب؟؟!! اختلطت الرزنامة العربية بالدولية فنتج عن ذلك أزمات منها تفكك الدول العربية والنووي الإيراني والانهيار الأمريكي، متى ينتهي هذا الربيع نهائياً ونشهد الربيع الحقيقي الذي يحلم به الإنسان العربي البسيط الباحث عن الأمن والاستقرار؟ متى تتوقف المفاجآت الدموية؟ لقد ولدت أسماء وأرقام وحوادث مع العام 2011 لم نكن نعرف قوانينها ولا تركيبتها واحتلت على صدر التاريخ عارا لا يمحوه إلا عودة الربيع الحقيقي للحياة العربية. لقد ابتعدت دول كبرى في العالم عن توريط نفسها مع الولايات المتحدة عندما وجدتها تغرق في مشاريع دموية فاشلة، بل وسحبت دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا يدها من يد الشرطي الأمريكي الأهوج الذي يريد إغراق العالم في الفوضى، فكيف نرى بالمقابل دولا صغيرة جدا لا تكاد ترى على الخارطة تسرع بالحلول مكان الدول العظمى وتورط نفسها مع أمريكا؟ وأين.. في مثلث ضلوعه الثلاثة أمريكا طالبان والدولة الخليجية الصغيرة.                                                    
إن العلاقات بين الولايات المتحدة والدول في العالم هي علاقات متشابكة ومعقدة ولا يمكن القول إنها مجرد علاقات بين الدول، فأغلب الدول منها الكبيرة تخشى على نفسها من أمريكا وجنونها ومغامراتها، ولذلك نرى هذه الدول حذرة جدا في التعامل مع الدولة المارقة، فمنذ أن أطاحت الولايات المتحدة بنظام الرئيس التشيلي سلفادور الليندي وتم اغتياله ومنذ فضيحة خليج الخنازير وفضيحة ووترجيت ومن بعدها مأزق إسقاط نظام صدام حسين بعد حرب الخليج لم يعد هناك سياسة مفهومة للولايات المتحدة، فحتى أقرب أصدقائها مثل توني بلير غير قادر على الوثوق بها، واليوم في ظل حكومة الرئيس الأمريكي أوباما لم يعد هناك من مخرج للعلاقات الأمريكية مع العالم سوى الانتظار لمزيد من المفاجآت التي ستكشف عنها الأيام القادمة وتعمل الدول والسياسيين في العالم بأسره على اتباع سياسة الحذر من الوقوع في شباك الولايات المتحدة وأسرارها وخفايا أوراقها فلماذا نرى دولنا الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة تسقط بين فكي القرش الأمريكي؟      


Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!