يا دافع البلاء

  
يا دافع البلاء

احمد جمعة

 البلاء ، هو ما ابتلت به البلاد والعباد ، وحتى نقلل فرص البلاء ونحد من شروط وقوع البلاء فلابد ان نكون محافظي على النعمة ، كثيري العمل، قليلي الكلام ، شاكرين الجميل ، حاثين على الوفاء ، بعيدين عن الحسد فرحين للنجاح حتى لو كان لغيرنا من الناس ، حتى ذلك الحين لعل البلاء يندفع عنا ،ولعل الشر يبحر عنا بعيداً وتسلم ديارنا في ظل وحدة الناس .                   
ما يجري اليوم في البحرين له وجهين وشكلين.. على الانسان ان يختار بين الطريقين، طريق واضح معالمه ان هذه البلاد تملك ثروة لا نظير لها متمثلة في كفاءة  ابناءها وحضارة تاريخها الممتد قرون بالسلام والتسامح والانفتاح الذي أهلها لتكون بوابة المنطقة المالية والاقتصادية والعقارية بالاضافة الى تطورها الاداري التاريخي والذي أسسه رجال قامت على سواعدهم نهضة عمرانية وتجارية ومالية، في وقت كانت فيه دول وشعوب المنطقة تعيش في الصحراء وترعى الغنم ، ليس ذلك ذماً ولا عيباً فهذا هو حال عرب الصحراء منذ الازل ، ولذلك كانت ديار العرب كلها قائمة على الشعر والكلام  والبطولات التاريخية ، الى ان أفلتت البحرين منذ عشرينات القرن الماضي من أسر هذه الصحراء واقتحمت عصر المدن والتعليم والجمارك البترول والصحة والتنظيم الاداري الذي كان الاول من طرازه في المنطقة حيث عرف العالم البحرين باعتبارها الدولة الصغيرة المنظمة ادارياً وسياسياً وكان ذلك بفضل رجالاتها الذين حفروا في الصخر حتى أوصلوا البلاد اليوم الى هذا المركز المالي والعقاري والبنكي والسياسي وكل ذلك جرى لأن البحرين لم تعرف يومها الحسد والكراهية والطائفية والشعارات الرنانة ولا عرفت الفلتان الامني والصراخ البرلماني وكان الرجال معروفون بعملهم والمزايدون معروفون بخطبهم ودجلهم وكان من السهل يومها كشفهم وتعريتهم ، بعكس اليوم حيث اختلط الحابل بالنابل ولم تعد تميز بين من يعمل ومن ينافق، واصبح حليب البقرة يروي من يعمل ومن يوظف الشعارات حتى وصلنا اليوم الى اصل البلاء وهو هذه الديمقراطية التي اردنا منها ان تكون مدخل للعمل والتنمية والتطور والازدهار ، ولكنها أضحت مصدر للازعاج والارباك والتشويش ، فبدلا من ان نسرع الخطى نحو التنمية والصناعة والاستثمار ، تحولنا الى خطب في المنابر وزعيق في المجالس البلدية وشطحات في النيابي ، وصراع بين الكتل والتيارات والقادم عبر المجهول اعظم.                       
اصل البلاء ، هو ان يبتلي العباد او البلاد بالسقوط في الفوضى المدمرة حينما لا يعرف اهل الديار ماذا يريدون ، واخطر ما في البلاء هو ان لا يعرف اهل البلاد كيف يخرجون من البلاء، حينها يكون البلاء اعظم وهذا ما دفع بعرب الصحراء منذ القدم حينما تشتد عليهم الخطوب الى القول.. يا دافع البلاء.      هذا التعبير في الاصل يعني ان البلاء القادم أعظم وبالتالي يأملون في رحمة السماء بدفع البلاء القادم من المجهول.                                                                                           
اليوم وفي ظل ما نسميه بالاصلاح والديمقراطية وهي مبادئ عظمى نسعى جميعاً لتحقيق اهدافها لنا ولاجيالنا القادمة، ماذا نرى من الاصلاح والديمقراطية على السطح؟ وما هي ثمرة هذا الحلم الذي كان حتى الامس يسلب الالباب؟                                                                             
لقد تحول الاصلاح وللأسف الى فقر والى وتراجع وتخلف و وسيطرة التطرف والطائفية على العقول والى هيمنة دينية على الناس ومصادرة للحقوق والحريات الخاصة والى تهديد مستمر للاقتصاد والاستثمار، حتى تلك الخطط والمشاريع التي قامت باسم تنظيم سوق العمل احدثت من الفوضى اكثر مما احدثت من الاصلاح، وليس الخلل في الرجال بل في الافكار حينما تسرعنا باتخاذ قرارت من دون ان نعي نتائجها الراهنة على الساحة علما بان من الممكن ان تكون نتائجها البعيدة مفيدة للبلاد، لكن ما يعوزنا اليوم لا سرعة اتخاذ القرارات فحسب وانما الاهم هو نوع القرارات ولذلك لا املك الا القول : يادافع البلاء!                                            
                                           
          
                                                                             


Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!