كفاكم مؤتمرات.. ننتظر قراراً شجاعاً


مقال اليوم مع البلاد
***********
نقطة أول السطر

كفاكم مؤتمرات.. ننتظر قراراً شجاعاً

احمد جمعة


الأحد 27 أبريل 2014


أنا لست ضد الفعاليات التي تقام في البلاد وتشارك فيها وفود عربية ودولية، ولست ضد مؤتمرات تخدم وتفيد البحرين في هذه الظروف التي يجري فيها التصعيد الإرهابي، لكني ضد أن تنظم مؤتمرات وفعاليات فقط حتى لا يقال بأن تلك المؤسسة أو غيرها بلا عمل، وأن وزيرها أو مستشارها أو المسئول فيها تنبلة سلطانية، وبالتالي يصبح تنظيم هذه الفعاليات تحصيل حاصل لا تغني ولا تسمن من جوع! هكذا هي الفعاليات التي نشهدها الآن كما حدث مؤخراً لمؤتمر الأمن الأقليمي، حيث يأتي ويذهب من يذهب، فيما الأمن مفقود، والحرق مستمر، وقطع الشوارع، وإرهاب المارة هو القاعدة.                                                        
سأذكر لكم حادثة وسأقارنها بتكاليف المؤتمر المذكور، وكيف ننظر للعملية من زاوية موضوعية بعيداً عن البهرجة والاحتفالية والمظاهر الشكلية، خلال الأسابيع الماضية وتحديدا على الشارع العام (الهاي وي) بمنطقة العكر وعند جامعة العلوم التطبيقية، لا يكاد يمر يوم لا تغلق الشوارع فيه وتحرق الإطارات، وتهطل قذائف المولوتوف ويعم الرعب نفوس الطلبة والطالبات طوال الوقت، بل حدث وتم تفجير عبوة ناسفة قرب الجامعة وعلى حدودها، وزرع ذلك الذعر في النفوس لدرجة أن هناك عددا من الطالبات واجهن الفزع مما حدا بعائلاتهم لترك أعمالهم والذهاب إلى هناك، ولولا فترة الامتحانات النهائية لاتخذ أولياء الأمور قرارا بمنع أبنائهم من الوصول إلى الجامعة بسبب ما يتعرض له الشارع العام ومنطقة الجامعة كل يوم، هل يعلم المسئولون في الدولة بتلك الحالة؟ ماذا نستفيد من مؤتمرات الأمن الدولية التي نهدر عليها الأموال وتخصص لها الدولة مواردها ما دمنا لا نستطيع أن نوفر لأبنائنا الأمن والطمأنينة في تحصيلهم الدراسي؟ ما فائدة تلك المؤتمرات وغيرها ما دام أبناؤنا يواجهون كل يوم الرعب والخوف والقلق؟                                     
إن الدعاية فقط التي نجنيها من هذه المؤتمرات لا يستفيد منها إلا أصحابها الذي يطالعوننا في الصحف ووسائل الإعلام، وهم يطلقون التصريحات والبيانات، فيما يستمر الإرهاب وتستمر نوبات الخوف والفزع في نفوس المواطنين، منذ أربع سنوات وأعمال العنف تتصاعد وتشهد تطورات نوعية، فمن الحجارة إلى السهام الحديدية إلى المولوتوف إلى العبوات الناسفة إلى السيارات المفخخة، فماذا ننتظر أن يصل الأمر إلى استخدام الصواريخ والدبابات؟ أنا أجزم إن تساهلنا أكثر من ذلك، فلا نستغرب أن تظهر بعدها الصواريخ والدبابات في أيدي الإرهابيين.                
بالتأكيد لا أقلل من دور رجال الأمن البواسل ولا من تضحياتهم، فهؤلاء الذين يتحملون الضغوطات ويبذلون التضحيات بحاجة لوقوف الدولة معهم بقراراتها السياسية الحازمة التي تضع حداً لهذا النزيف الدامي، لا أعرف دولة في العالم تتحمل ما تتحمله البحرين، ولا أعرف شعبا ينتظر من قيادته موقفاً يثلج صدر المواطنين الذين ملوا وتعبوا وقرفوا من هذه الحالة.                                      
لنحتكم للعقل والمنطق ونسأل هنا: هل توجد دول سواء في المنطقة الخليجية أو العربية أو في أي مكان من العالم تقع فيها الأحداث وأعمال الحرق والتدمير للممتلكات ولا يطبق القانون على من يقوم بهذه الأعمال بالصورة الموازية لحجم النتائج المدمرة؟ لا في الولايات  المتحدة ولا حتى في السويد التي تعتبر دوحة الديمقراطية في العالم، لو قذفت رجل الأمن هناك بورقة محارم أو بعلبة مياه غازية فارغة حكم عليك بسنة كاملة مع النفاذ، تخيلوا هذه الدول التي نتطلع اليها باعتبارها دولا عريقة في الديمقراطية، فأي منطق أو حجة أو مبرر تستمر هذه الأعمال في بلادنا؟                                                                                
لهذا كله فقدت ثقتي بمؤتمرات احتفالية أكثر منها عملية، وجهوا جهودكم نحو ما يفيد، مثل استدراج الشركات الاستثمارية وإقامة المعارض الترويجية الاقتصادية والمالية، كمعرض الذهب وغيرها التي تساعد على الانفتاح الاقتصادي والاستثماري. أما مسألة الأمن، فيتكفل بها القرار السيادي للبحرين، وأن عجز هذا إذا افتراضنا ذلك جدلاً، فأشقائنا في قوات درع الجزيرة بارك الله فيهم كفيلون، علماً بأن إمكاناتنا الأمنية وحدها كافية إذا توفر القرار الجريء. 

Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!