نقطة أول السطر (1)

غدر الزمان والانسان
احمد جمعة
في حكاية قديمة من حكايات الأباطرة، كان هناك امبراطور مولع بالكلاب ويقوم على تربيتهم وجعلهم بطانة تحميه وذات يوم استاء من احد منافسيه
 فاستدعى زوجته واسشارها فيما يفعل قبل أن يتخذ قرارته بشأنهم فأشارت إليه بأن يرمي كل من يخرج عليه إلى عشرة كلاب كان يربيها في قصره، وعندما حان الوقت لأحدهم بأن يرمى لصومعة الكلاب طلب الرجل من الامبراطور ان يمهله فقط عشرة أيام وبعدها يفعل به ما يشاء فوافق الامبراطور، فما كان من الرجل الا ان ذهب إلى حارس الكلاب ورجاءه أن يتركه مع الكلاب عشرة أيام فوافق الحارس فما كان من الرجل إلا ظل الأيام التالية يرعي الكلاب ويلقى لها بالطعام والعناية بها والاهتمام بنظافتها وبعد عشرة قام الامبراطور برمي الرجل الى الكلاب فعجب عندما رأى الكلاب جلست عند قدميه ولم تهاجمه فاستدعاءه وسأله ماذا فعلت للكلاب فقال الرجل " لقد خدمت الكلاب عشرة أيام ولم تنس ذلك وخدمتك عشرين سنة فنسيت ذلك كله"
ذكرتني هذه الحكاية بالوضع العام الذي ندفع في هذا الوطن جميعنا ثمنه عندما ينسى الوطن أن الذين وقفوا في لحظة المحنة مع الحق وبادروا بالتضحية دفاعاً عن الارض والعرض وجعلوا من أنفسهم سداً منيعاً في وجه المؤامرات هم اليوم الذين يتحملون وزر مواقفهم واذا ما وقفنا ذات يوم أمام التاريخ وسئول كل منا عما قدمه في حق الوطن والناس فما هي الشهادة التي سيشهد بها التاريخ ؟
البحث عن الفردوس هو ما يدفع البعض للسقوط في الجحيم ، فمن شدة الطمع والجشع في الرغبة بالوصول الى الجنة ينسى المرء المبادئ السامية التي من خلالها يدخل الانسان الجنة وينزلق من دون وعي ولا تفكير ولا ذمة الى ما يؤدي به مباشرة الى الجحيم وهذا هو حال الانسان حينما يفقد بوصلة العقل ويفلت منه الفهم فيتحول الى مجرد انسان آلي يحركه الاخرين ويتحكم فيه الموتورون من اصحاب النفاق والتأثير على المشاعر وبالإمكان أن تقول لهذا الانسان اقتل اباك أو اخاك او عمك لأنه الطريق الاقصر للجنة وبهذا الجشع أو الطمع في الرغبة بدخول الفردوس فانه لا يتوانى عن قتل اقرب الناس اليه حتى أمه التي جاءت به الى هذه الحياة وهذا منتهى التغييب وذروة السقط في الجحيم، حتى أذا ما أفاق هذا الانسان بعد كل هذا الردح من السعادة الوهمية بالفردوس وجد نفسه في الجحيم بدلاً من الجنة.
الفرق بين من يرى الكون من الخارج ومن يره من ابعد من قدميه هو الفرق بين يصنع الحياة ويؤثر في الكون وبين من ينتهي به المطاف عند حائط بيته كيف نساوي بين من يرى ومن لا يرى؟ كيف نسمع ذي الصوت العالي ونصم الآذان عمن يرى ويعمل؟ ينطبق علينا القول الشعبي (خذوهم بالصوت تغلبوهم).
أمور كثيرة في هذا البلد أعجز عن فهمها وبدأت اشك في سلامة عقلي، إذ ليست هناك سياسة ترجح العقل ولا توجد سياسة ترجح الفهم الذي يتطلبه الوضع السريالي الذي مررنا به لأكثر من عامين وتحملناه ومرشح للدخول في العام الجديد وكل ما يجري هو ما ينطبق عليه القول، نرى رحي ولا نري دقيق ،، اسمحوا لي أن قلبت المثل هذه المرة، فكل شيء مقلوب ابتداء من العقل مروراً بالحسابات وانتهاء بالفهم الذي صعب ادراك مضمونه في هذا الوقت بالذات الذي نرى فيه السفينة تبحر فوق الرمال بدلاً من الابحار فوق المياه، فقد اصبحت البحرين كالفيلم السينمائي الخيالي من سلسلة أفلام هوليود التي جرفتنا الى المجهول، ان الأيام القادمة ستحمل معها المفاجآت غير المنتظرة على صعيد الخروج من اليأس الذي اصاب الناس في هذا البلد، فالذي يسمع المصابين بأمراض القلب والقولون وضغط الدم وما وصولوا اليه من اليأس يدرك بانهم يفضلون قول كلمة الحق ولو على رقابهم، فهل بإمكانهم بعد ذلك كله تحمل المزيد وهم يرون المبادئ مقلوبة.


Comments

Popular posts from this blog

رؤية معاكسة ضد تيار المقاطعة!